# أديس أبابا .. صغار فى الذهاب وفى الاياب ..
؟؟!!
.. صغار فى الذهاب وفى الاياب ..
أهذا كل شأنك يا عرابى
عفا عنك الأباعد والأدانى .. فمن يعفو عن الوطن المصاب
وما سألوا بنيك ولا بنينا .. ولا التفتوا الى القوم الغضاب
فعش فى مصر موفور المعالى .. رفيع الذكر مقتبل الثياب
أفرق
بين سيلام ومصر .. وفى كلتيهما حمر الثياب
يتوب
عليك من منفاك فيها .. أناس
منك أولى بالمتاب
ولا
والله ما سلكوا عتاباً .. ولا ملكوا
القديم من العقاب
ولا
ساووك فى صدف الطوايا .. وان
ساووك فى الشيم الكذاب
حكومة
ذلة وسراه جهل .. كعهدك اذ تحييك الطوابى
واذ ضربوا وسيقك لم يجرد .. واذ
دخلوا ونعلك فى الركاب
واذ ملئت لك الدنيا نفاقاً .. وضاقت
بالغباوة والتغابى
واذ تفتى المعالى بالتمنى .. واذ
يغزى الأعادى بالسباب
واذ تعطى الأريكة فى النوادى .. وتعطى
التاج فى هزل الخطاب
سننظر ان رفعت بمصر طرفاً .. رجال الوقت من تلك الصحاب
وقد نبذوا جنابك حين أقوى .. وقد لازوا الى أقوى جناب
وبالانجيل قد حلفوا لقوم .. كما حلفوا أمامك بالكتاب
يريدوم النساء بلا حجاب .. ونحن
اليوم أولى بالحجاب
فماذا يعلم الأحياء عنا .. اذا ما قيل عاد لها عرابى .. ؟؟
.. هذه فصيدة أحمد شوقى أمير الشعراء الشهيرة ( عاد لها عرابى ) و التى
تم نشرها عام 1901م فى مجلة خليل مطران التى أسماها ( المجلة المصرية ) وقد وقعها شوقى أولاً باسم ( نديم ) الا أن شاعرية القصيدة وروحها وموقفها
سرعان ما أشارت لصاحبها .. وشوقى فيها ينال من عرابى ( العائد الى مصر من منفاه فى جزيرة سيلان ) بقسوة
واستخفاف متهمه برغباته وطموحه اللامحدود للوصول لكرسى مصر .. وهنالك من المؤرخين والكتاب من اتفق مع شوقى
فى موقفه من عرابى مثل أحمد لطفى السيد الذى كان منبهراً بالانجليز ومصطفى كامل الذى كان على علاقة جيدة مع الخديوى عباس حلمى بل أن هنالك
من اتهم الرجل بالتسبب فى احتلال مصر بعد هزيمته فى التل الكبير على يد الانجليز
والأتراك معاً ومن هؤلاء المؤرخ عبد الرحمن الرافعى الذى تراجع بعد حين عن هذا
الاتهام الخطير لعرابى وثورته التاريخية متفقاً على أن عرابى أراد رد الاعتبار
للمصريين الا أن التحالف غير العادل والغادر الذى تم بين الخديوى والانجليز (
الأتراك والانجليز ) أدى لهزيمة عرابى
وبالرغم من ذلك نال شوقى ما ناله من عرابى الا أن شوقى نفسه ما كان موقفه الميال
والمناصر للقصر يشفع له لتتخذ قصيدته هذا الموقف القاسى من رجل ثائر كالزعيم أحمد
عرابى ولكنه أمير الشعراء عندما يخرج شعره يقف المنطق المزاجى مع الشعر مرغماً بل صاغراً له وبالرغم من قوة الموقف
الشعرى لشوقى الا أن عرابى بنفسه تولى الرد عليه فى بيت شعر مجيد غاضب قال فيه : (
كبار فى الذهاب وفى الاياب .. رغم أنف أولاد الكلاب .. ) .. وعرابى الذى رحل
فى سبتمبر 1911م خلف تاريخاً يحكى لأجيال مصر عن ثورة وطنية حقيقية بينما وصم
التاريخ من وقفوا ضده بالخيانة عندما رشى رجال من معسكرهم التحالفى بعضاً من شيوخ
العرب بالشرقية ليقفوا مع تحالف الخديوى والانجليز
ضد عرابى وثورته وبالتالى فان من يقول الآن أن مصر قد وقعت تحت الاحتلال الانجليزى
بسبب الخيانة الداخلية من بعض أبناء مصر نفسها فانه لأ يجافى الحقيقة مطلقاً بكل
مرارتها وفسوتها .. وهذا أسوأ سيناريو يحدث به التاريخ المصرى عن موالاة المستعمر
والوقوف معه ومناصرته حتى فى ساحة المعركة لهزيمة قوى وطنية لأ أحد يشك فى وطنيتها
وعفتها وكبف يمكن لعاقل أن يقول بأن معسكر جمع رجال من أمثال الشيخ محمد عبده
ومحمود سامى البارودى والبطل محمد عبيد يمكن أن يكون منهزماً فى معركة الوطنية
أمام أحمد لطفى السيد ومصطفى كامل .. هذا
ان برأنا شوقى ورفضنا أن نراه الا أميراً لقافية العرب ..
.. لأ
أدرى أيها القراء الكرام لماذا قفز شوقى وشعر شوقى هكذا على وعلى رأسى وعقلى خلال
تتبعى للجولة التفاوضية الفاشلة أخيراً بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا بين حكومة
السودان ودولة جنوب السودان .. ؟؟ .. (
صغار فى الذهاب وفى الاياب .. أهذا كل شأنك يا عرابى .. ) لأ بد أنه هذا
البيت هو الذى دفعنى لشوقى وشعره وعرابى وثورته بالرغم من تباين الحالتين فتلك
ثورة وذاك زعيمها وذهابه لمنفاه شرف له ولأهله ولأمته وايابه فخر شعب مناضل وموقف
تاريخ مجيد لأ صغار وذل كما قال أمير
الشعراء بل ( كبار فى الذهاب وفى الاياب )
كما رد عرابى عليه بتفسه .. أما صغار شوقى أيها القراء الكرام ففى الذهاب الى أديس
أبابا والعودة منها صفر اليدين بمثل .ما فعل أعضاء وفدنا الكرام الذين عادوا بمثل ما خرجوا
به هكذا دون فائدة تذكر سوى النيل من عقلنا الذى تكاد خلاياه تنفجر وصبرنا الذى طال على مواقف مترددة ورؤية
قاصرة وضعف غريب لأ مبرر له فى مواجهة خمس
مفاوضين من دولة الجنوب الوليدة يالكاد عرفوا التفاوض بعد أكثر من مائة عام من
نشأة الدولة السودانية المعاصرة .. مجموعة صغيرة ودولة وليدة تتلاعب بنا وبدولتنا
العريقة وتاريخنا المجيد ..!! .. خمس
مفاوضين ينصبون لنا الفخاخ السياسية
ويتلاعبون بوفدنا المفاوض كيفما شاؤوا وكأنهم كرة يتقاذونها بينهم .؟؟!! .. وأخبراً يخرج السيد باقان أموم ليرمى
بآخر الركلات ( .. دولة السودان الشمالى تعنتت فى قبول المنطقة المعزولة ) .. يا
سلام .. !!!! .. هكذا أخرجنا الرجل أمام العالم وأمام وفدنا الكريم المكرم
..
..
نعم يا شوقى .. صغار فى الذهاب وفى الاياب
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق