الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

# سوريا .. سيناريوهات الشيخ حمد .. !!

.. اتخذت الجامعة العربية ممثلة فى مجلس وزراء الخارجية العرب يوم السبت الماضى أخطر وأجرأ قراراتها منذ تلك القرارات التى اتخذتها قبيل التدخل الدولى العسكرى الأخير فى العراق بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة ومباركة أغلبية كبيرة من الدول العربية .. جاءت قرارات السبت ضد النظام الحاكم فى سوريا بأغلبية وصلت الى 18 دولة مع اعتراض لبنان واليمن وامتناع العراق عن التصويت وقد خرجت صيغتها بصرامة تبدو غاضبة ومتحدية ومهددة على غير المعتاد فى لغة وسياسة الجامعة التى دوماً ما تشكلت على نحو يجنح نحو الترفق والتلطيف استجداءً للغة تعبيرية وقورة وهادئة وخطاب توفيقى يترك مساحات للتأويل والتعزير بأكثر ما يعطى دلالات قاطعة لفعل صارم ومآلات واضحة ..

.. وقد صدق حدس المراقبين الذين توقعوا شىء من هذا القبيل اعتباراً للنهج الذى قاده الشيخ حمد بن جاسم ال ثانى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطرى - رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب – الذى قاد المجلس الى خطوات مدروسة وممرحلة للتعامل مع المسألة السورية حيث أفلح وعبر محاولات طويلة وجهد كبير ومرهق فى الوصول لصيغة مبادرة عربية مشتركة نجح الرجل وبذكاء كبير ( ساعده فى الظفر بنهايات ناجحة لما خطط له اضطراب وضعف الموقف السورى المفاوض تبعاً للموقف السياسى والأمنى المضطرب والخطير الأن فى سوريا ) فى أن يشكل عبرها حصاراً خانقاً على الرئيس بشار الأسد وقيادييه السياسيين لينتهى الأمر الى صيغة اتفاق للجامعة العربية نجح الشيخ والوزير القطرى وعبر نهج تصلبى قاس على اجبار الجانب السورى على التوقيع عليه فى الثانى من الشهر الجارى وقد نص ذلك الاتفاق على وقف الحكومة السورية لكافة صور العنف مع اخلاء المدن من كافة الآليات والمعدات والتجهيزات العسكرية بجانب اطلاق سراح كل من تم اعتقالهم وسجنهم مع بدء حوار حقيقى وفورى مع المعارضة السورية .. وقد اعتبر مجلس الخارجية العرب هذا الاتفاق الأخير قد فشل وانهار تماماً استناداً على تقارير خاصة بالجامعة العربية بجانب تقارير منظمات دولية أخرى وعلى رأسها منظمة هيومان رايتس ووتش التى أصدرت تقرير يوم الجمعة الماضى ذكرت فيه أن النظام السورى قتل ما زاد عن مائة شخص فى مدينة واحدة منذ توقيع اتفاقه الأخير مع الجامعة العربية .. وهكذا استعان الشيخ حمد بهذه التقارير الدولية ليعلن أمام وزراء الخارجية العرب وبشكل رسمى عن انهيار الاتفاق ولتخرج مداولات المجلس بالقرارات الجديدة التى تلا نصها فى بيانه الشيخ حمد مؤكداً قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا فى الجامعة عبر تعليق مشاركة وفود الجمهورية العربية السورية فى كافة اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع الأجهزة والمنظمات التابعة لها اعتباراً من اليوم السادس عشر من نوفمبر 2011م والى حين شروع الحكومة السورية فى التنفيذ الكامل لما تعهدت به ووقعت عليه فى اطار ما سمى بخطة العمل العربية لحل المسألة السورية والتى صادق عليها المجلس بتوقيع الجانب السورى فى الثانى من نوفمبر الجارى .. وبينما دعا المجلس ضمن قراراته الأخيرة الدول العربية الى سحب سفرائها من دمشق ( مع اعتبار ذلك قراراً سيادياً لكل دولة على حدة ) وتوقيع عقوبات اقثصادية وسياسية على نظام بشار الأسد الا أن أخطر ما نصت عليه القرارات الأخيرة هو ما جاء فى سياق دعوة الجامعة العربية ممثلة فى مجلس وزراء خارجيتها الجيش السورى الى عدم التورط فى قتل المدنيين بجانب دعوة المعارضة السورية للاجتماع فى مقر الجامعة العربية للاتفاق على رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية فى سوريا لينظر المجلس من بعد فى أمر الاعتراف بالمعارضة السورية .. فمن ناحية تحمل مخاطبة المجلس للجيش السورى هكذا على نحو مباشر عبر دعوته للامتناع عن التورط فى قتل المدنيين أكثر مما جاءت به عبارات هذه الدعوة وفيه ما يشير الى رغبة الدول العربية فى حسم الأزمة السورية عبر سيناريوهات داخلية يعجل أحدها بانهاء الآزمة وسقوط النظام السورى ومن الواضح أن سيناريوهات الداخل التى تراها الدول العربية قد انحصرت فى سيناريوهين لأ ثالث لهما : -
الأول : أن يحدث تغيير انقلابى مفاجىء تقوده قيادات عسكرية سورية بتحفيز وتنسيق ومساعدة من أطراف عربية وربما بمساندة غربية يطيح بالأسد وأشقائه ونظامه القايض الآن بقوة على زمام الأمور وهو أمر يفسره بيان الجامعة العربية الذى بمثل دعوة صريحة للجبش السورى للانقلاب على النظام الحاكم هناك .. وهذا السيناريو وان كان نجاحه مستبعداً بحكم القوة المطلقة لنظام الدكتور بشار الأسد وأشقائه المسيطرين تاريخباً على كافة الفصائل والتشكيلات العسكرية والأمنية والاستخباراتية السورية بما يضع هذا السيناريو فى دائرة المستحيل .. الا أن طرحه هكذا كسيناريو مفضوح يزيد من ربكة واضطراب النظام السورى المترنح فى ذات الوقت الذى بشجع فيه على المزيد من الانسلاخات من قبل المنتسبين للفصائل العسكرية والأمنية السورية وانحيازها للثوار السوريين حتى وان كانت هذه الانسلاخات محدودة الأثر فهنا يصبح الرهان على المستقبل وتطور الحالة السورية حيث يضيق الخناق رويداً رويداً على من بقبضته القوة والسيطرة العسكرية والأمنية بالداخل وهو أمر فى نهايته سيعتمد على صمود الحالة الشعبية الثورية دون أن تخمد فليس من المتوقع أن يتم تحرك كهذا فى الدائرة العسكرية الخاصة بالنظام دون وجود حراك ثورى شعبى مستمر بمثل عدم التوقع ينجاة محركى الثورة الشعبية الآن فى سوريا من اجراءات تطولهم حال تراجعهم عن ما خرجوا من أجله ..
الثانى : أن تنتصر الارادة الثورية للشعب السورى بمثل ما تحقق فى النموذج الليبى وهذا يعنى الانتقال بالثوار السوريين الى مرحلة جديدة من العمل الذى قد يكون عملاً مسلحاً ضد النظام وهو ما يفسر وبجلاء حرص مجلس وزراء الخارجية العرب بقيادة الشيخ حمد بن جاسم على التحديد الصارم والفورى لاجتماع المعارضة السورية بمقر الجامعة العربية فقط خلال ثلاثة أيام من صدور قرارات المجلس يوم السيت الماضى وهذا يعنى أنه من المنتظر أن يلتئم شمل المعارضة السورية وبكامل فصائلها خلال اليوم الثلاثاء للتنسيق على التحرك القادم .. وهذا السيناريو وان بدا منطقى أكثر من سيناريو التحرك الانقلابى للجيش السورى الا أنه يبدو أكثر خطورة على الداخل السورى وربما الخارج الاقليمى والدولى فعلى المستوى الداخالى وفى حال انتقال المعارضة لمرحلة عمل مسلح ضد نظام بشار الأسد سيعنى هذا دخول القطر العربى السورى فى حرب داخلية بين النظام والثوار لأ أحد يستطيع تصور نهايتها أو أثرها على الدولة السورية فى بنيتها وشعبها والواقع الجغرافى السورى لأ شك يختلف عن الواقع الليبى من حيث طبيعة وشكل الحياة المدنية والتوزيع السكانى والجغرافى ففى ليبيا تجد المساحة الجغرافية الممتدة والتوزبع السكانى القبلى العشائرى بما أوجد مساحات للمناورة والزحف وتحديد مناطق النفوذ والسيطرة بشكل أكثر وضوحاً مما تعكسه الان الحالة السورية هذا فضلاً عن تورط النظام الليبى ومنذ الوهلة الأولى فى حرب شاملة ضد شعبه الثائر على نحو مكشوف حدد شكل الصراع مبكراً هذا بينما يبدو الوضع السورى لأ زال متماسكاً والى هذه اللحظة دون الدخول فى هذه المرحلة المتأخرة التى يصعب التصور بدخولها قريباً ولأ يكاد أحد يعتقد بأن مجلس وزراء الخارجية العرب بقيادة الشيخ حمد بن جاسم ستكون له من الجرأة ليورط الجامعة العربية فى التنسيق المكشوف لاندلاع حرب داخلية سورية – سورية عبر دعوة الثوار السوريين لحمل السلاح أمام الجبش الموالى لأ زال لنظام بشار الأسد وهنا يبدو موقف الجامعة العربية صعباً للغاية اذا ما فشلت محاولتها لاسقاط النظام السورى كما تأمل سريعاً عبر المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية فبجانب عدم توقع أى أثر للمقاطعة الدبلوماسية فان التعاون السورى الاقتصادى مع الدول العربية صاحبة الأرقام الاقتصادية الصعبة بالمنطقة ضعيف للغاية ان لم يكن منعدماً بالمرة مع النظام السورى الأكثر ارتباطاً بايران ولوقت ما تركيا والتعاون التاريخى مع روسيا بابعاده العسكرية والأمنية .. هذا فى الوقت الذى سيمضى فيه الزمن متسارع بما يزيد من تعقيدات الأزمة للطرفين العربى المتبنى لموقف الثوار وموقف نظام الأسد من الناحية الأخرى ..

.. أما الحديث عن سيناريوهات الخارج فهو أمر ان تم التفكير فيه من باب احتمالات التدخل العسكرى الخارجى فسيعنى هذا وضع المنطقة وبكل تأكيد فىوق يرميل من البارود الذى يمكن أن يصل انفجاره الى مناطق ربما تتجاوز خيال من يحاول التفكير فيه لتبقى سيناريوهات الشيخ حمد بالرغم من صعوبتها البالغة والبالغة جداً هى الأقرب نسبياً الى الحدوث اذا ما تم التعامل معها بحنكة كبيرة وصبر أكبر وأكبر ..

ليست هناك تعليقات: