الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

# من القاهرة وتونس الى طوكيو ونيويورك .. متحدون من أجل تغيير عالمى .. !!


.. من يصدق هذا .. ألف مدينة فى أكثر من 82 دولة وعلى مساحة تمتد من أقصى الغرب فى أمريكا وأوروبا الى أستراليا والى أقصى الشرق فى آسيا خرج الملايين يوم السبت الماضى الخامس من أكتوبر للتظاهر ضد النظام الاقتصادى والمالى الرأسمالى يحملون شعاراً واحداً ( متحدون ضد الاستبداد الرأسمالى ) .. حدث كبير اهتزت بفعله مساحة كبيرة وتاريخية احتلها النظام الرأسمالى الغربى الليبرالى فى عقيدته وفلسفته السياسية والذى هيمن على جل الحركة البشرية الحديثة بتفاعلها الاقتصادى والاجتماعى منذ ما عرف بالنهضة الأوروبية الحدبثة الى يومنا هذا متجاوزاً كل ما صادمه من انكسارات ابان عشرينات وثلاثينيات القرن الماضى التى شهد خلالها أسوأ مراحل كساده وجموده والتى كادت أن تعصف به وهو لازال يافعاً على الطريق ليعبر المرحلة ويمضى منتصراً انتصاراً ساحقاً و بعد سلسلة من المعارك والمواجهات والحرب الباردة على أهل المعسكر الشرقى و نظامهم الماركسى الشيوعى الذى انهارت وتهاوت نظريته وتهاوت معها الكتلة الشرقية برمتها وقد تبعتها الأنظمة السياسية التى دارت فى فلكها السياسى والفكرى سنوات طويلة فى مناطق عديدة من العالم لم تخلو منها المنطقة العربية بحيرتها وتأرجح تحالفاتها السياسية والعسكرية شرقاً حيناً وغرباً أحايين أخرى .. ما الذى يحدث ..؟؟ .. هل العالم بأسره من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب بدأ يلتمس الآن عبر ارادة شعوبه ربيعاً جديداً يخرجه من حروبه و أزماته الاقتصادية وفقره المالى وهزاته الاجتماعية المتفاقمة بتعقيداتها المتراكمة .. ربيعاً تنشر شذاه وتطلق طاقته وتصوغ حكمته نظرية انسانية جديدة تنعى النظام الرأسمالى الليبرالى بفلسفته الافتصادية والمالية والاجتماعية .. ؟؟ !! .. هل ما حدث يوم السبت الخامس من أكتوبر الماضى سيكتبه التاريخ الحديث بداية لأرض جديدة وكون جديد بدأ يشعر بألم بعضه البعض و يستلهم روح بعضه البعض وكأنه جسد واحد ما أن تخرج فيه تونس والقاهرة وتصارع صنعاء ودمشق الا وخرجت مدريد ونيويورك وتضامنت لندن وطوكيو.. ؟؟

.. ما حدث يدعو بحق للدهشة والاستغراب .. فكيف تأتى هذا التنسيق الخطير والناجح لحركة الربيع العالمى الجديدة والتى أطلقت على نفسها ( حركة متحدون من أجل تغيير عالمى ) فى هذا الوقت الوجيز لتستجيب له وتتفاعل معه الملايين من الشرق الى الغرب .. ؟؟ .. هنا يبدو أن التجربة الانسانية وبكل ما وصلت اليه من تقدم وتطور تطرح لمن زرعوها ورعوها ثماراً بعضها مراً كما والحنظل وبعضها الآخر حلواً كما وطعم العسل المصفى ومن الحلو هنا ما استفادت منه حركة الشعوب العالمية اليوم من تقنية وتكنولوجيا التواصل الحديث الذى وصل الآن الى أكثر مراحله تفاعلاً عبر استخدامه كأأدوات حفيفية للتغيير والتعبير عن الارادة والصراخ بها أمام صلف الجلادين والناهبين لحقوق الشعوب وثرواتها .. فما حدث أخيراً يضع ولأول مرة التصور الهلامى لفكرة العالم الواحد المتحد بارادته ومواجهته لقضاياه وهمومه كمجتمع بشرى عريض .. فى اطار حقيقى وكتلة مادية حقيقية تعبر عنها الشعوب جميعها من الشرق الى الغرب .. ويبدو أن الأمر قد وصل الى هذا المستوى نتيجة للنهايات التى بات يطفح بها الآن النظام الرأسمالى – الليبرالى المسيطر على كافة الرقعة الجغرافية للكوكب الأرضى وهذه هى ثماره المرة .. وما المعدلات المتزايدة من الفقر والعوز والمرض الا صورة من هذه النهايات وما المجاعات والعجز عن مواجهة الكوارث والأزمات الانسانية الا عبارة عن صورة أخرى وما الفجوات الغذائية المتسعة فى الحبوب والانتاج الغذائى الا صورة ثالثة وما الحروبات والاقتتال الذى تصنعه ارادة الرأسمالية بشركاتها الكبرى فى مجال تصنيع أدوات الدمار والاقتتال وغيرها ليأتى بعد زهق الأرواح وتدمير المدن والأوطان دور شركات البناء والتعمير الجشعة لتينى ما دمره أصحابها بالأمس مستنزفة موارد الدول والأقطار وشعوبها الا صورة رابعة وخامسة وسادسة .. !! ..هذه هى الرأسمالية التى تحكم الآن الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الرقم المدهش فى معدلات الفقر .. من يصدق أن ما يزيد عن 43 مليون أمريكى يعيشون الآن تحت خط الفقر ومنهم الكثير من يصارع حتى الموت ليضمن له تأميناً صحياً وأوباما يقدم المليارات للشركات الرأسمالية المنهارة للخروج من أزماتها المالية .. !! .. وفى ايطاليا بقدم العجوز الفاجر رئيس الوزراء الايطالى سيلفيو بيرلسكونى البالغ من العمر اثنان وسبعون عاماً أسوأ نموذج لما يطفح يه الآن النظام الرأسمالى الغربى فبينما بواصل هذا العجوز المتصابى لهثه الدائم وراء نزواته الجنسية فى أندية الرقص وملاهى الدعارة يواصل اقتصاد بلاده انهياره وتراجعه بما أدى لتراجع مخيف فى المستوى المعبشى للمجتمع الايطالى الذى لم يجد بداً من الخروج للشارع والتظاهر لاسقاط النظام المالى ببلاده .. هذا فى وقت يواصل فيه بيرلسكونى رعاية ثروته وشركاته حتى أضحى أكثر شخصية مالية تتمتع بنفوذ اقتصادى بايطاليا عبر تحكمه فى أكبر كتلة نقدية من الدولارات التى تحتاجها الآن الشركات الخاصة المنهارة للخروج من أزماتها .. ومن المتحكم فى مصيرها .. ؟؟ .. تخيلوا .. هو رئيس الوزراء العجوز الفاجر هذا نفسه .. !! .. هذا هو الواقع .. رئيس الوزراء الايطالى يتحكم فى مليارات الدولارات من الأموال العامة وهو نموذج يعبر بجلاء عن ما وصل اليه النظام الرأسمالى الغربى عبر طرحه واقراره لمبدأ وواقع التحالف الممتد والمتزائد فى قوته بين النفوذ السياسى والنفوذ المالى وان كان نموذج بيرلسكونى فاضح من باب أن الرجل نفسه ( لا يعرف العيب ) فان آخرين كثر على السلطة السياسية بأوروبا وآسيا وحتى الشرق بأقصاه الى أدناه باتوا الآن مورطين فى علاقة غير أخلاقية وهادمة لقيم العدل والمساواة تجمعهم بأهل المال والاقتصاد وهؤلاء يالتأكيد يعبرون عن لون ورائحة النظام الرأسمالى الغربى الذى يخرج أهله اليوم لمناهضته وبعد أن كانت هذه المناهضة تبدو فى نظر البعض كما و الفعل الترفى المعبر عن مجموعات الفكر الانساتى المغالى فى تضامنه مع العالم الفقير والطبقات الدنيا من المجتمعات والتى ما كانت تذكر نشاطاتها الا فى مواسم بعينها كمواسم اجتماعات الاتحاد الأوروبى أو القمم الاقتصادية الدولية كقمة الأرض .. أضحى الأمر الآن أكثر واقعية وأكثر حقيقة وأخطر شأناً .. فبعد أن بدأت حركة الاحتجاجات متواضعة فى مدريد انتقلت بعدها بقوة وسرعة مدهشة الى المدن والولايات الأمريكية عبر حركة ( احتلو وول ستريت ) بدءاً بشارع المال فى منهاتن فى نيويورك ثم انطلقت أخيراً وعبر نداء حركة ( متحدون من أجل نغيير عالمى ) السبت الماضى الى أوروبا وآسيا وأستراليا فى أكثر من 82 دولة وألف مدينة .. هكذا كما والنار فى الهشيم .. انه بالفعل الربيع العالمى المستلهم روحه من الربيع العربى ..
.. ولكن بيت القصيد فى هذا كله يقول .. ثم ماذا بعد .. هل سينهار يوماً ما وبالفعل النظام الرأسمالى الغربى كما سبقه من قبل النظام الشرقى الشيوعى ونظريته الاشتراكية .. وان حدث يالفعل ذلك هل ستخرج التجربة الانسانية الثورية الجديدة نظاماً اقتصادياً ومالياً جديداً وبالتالى نظاماً اجتماعياً جديداً يلبى الحاجة لبناء مجتمع انسانى ً تسوده قيم العدل والمساواة .. والسؤال الأكثر الحاحاًاً وأهمية يقول .. هل ستنظر الأمة الاسلامية والعربية مرة ثانية وثالثة وعاشرة ليأتى الآخرون ليصغوا العالم كما وشاؤوا عبر نظرياتهم وفكرهم أم سيمتد الربيع العربى الثائر و الملهم الآن للغرب والشعوب الغربية ليقدم هو الآخر تجربته وفلسفته الاسلامية المعالجة للشأن الاقتصادى والمالى والاجتماعى عبر فكرها وعقيدتها .. ؟؟ .. هل السؤال الأخير مشروع أم يدخل فى المحرمات الفكرية عند بعضهم أوالمحرمات الموضوعية عند آخرين .. ؟؟!! ..

ليست هناك تعليقات: