الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

# التشكيل الحكومى الجديد..ربيع سودانى أم عريى .. !!


.. من غرائب هذا البلد أننا أصبحنا مغرمين فيه بالتواريخ والأحداث وكأننا نستشرف فيها أقداراً جديدة وأواضاعاً جديدة دوماً ما نأمل فى تغييرها لحياتنا أو على الأقل شيئاً من تفاصيل حياتنا والأمر يبدو على هذه الشاكلة وكأنه قد أضحى حالة نفسية يصعب علينا الفكاك منها وربما كان ولازال ما نمر به من قضايا كبيرة وأزمات متتالية خاصة على المستوى السياسى بأثره المباشر على أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية هو ما شكل فينا هذه الحالة النفسية التى أرى أنها قد استفحلت حتى أصبحت مرضاً حقيقياً يتوجب على القائمين على مراقبة الحالة الصحية النفسية للمجتمع التنبه لها ومعالجتها ( هذا ان كان هؤلاء المعالجون أنفسهم لم يصابوا بهذه الحالة مثلنا والآخرين والا فان فاقد الشىء لأ يعطيه ) ذلك قبل أن تتخطى مستوى الحالة النفسية الى حالة عصبية نفقد جميعنا فيها عقولنا فليس من المعقول أن ترتبك الحياة العامة ويكاد دولاب العمل أن يتعطل تماماً الى ما بعد رمضان أو الى ما بعد العيد أو ما بعد الاستفتاء أو الانتخابات والآن الى ما بعد التشكيل الوزارى الجديد .. !! ..
.. المدهش أن هذه الحالة تتلبس بشكل أكبر من يقودون الوزارات من وزراء ووكلاء وكبار موظفين فضلاً عن مدراء وقيادات المؤسسات الكبرى بحيث يصنعون هذا الارتباك بأنفسهم ذلك بدلاً من أن يكونون هم برباطة جأشهم و زهدهم و حنكتهم وصبرهم ونضج تفاعلهم مع ما يحدث من أحداث كبيرة وربما خطيرة هم من يشكلون حالة الاستقرار الوظيفى والمهنى حتى لأ يتعطل العمل وترتبك الحياة بكاملها حتى تكاد تنهار .. وهو أمر حقيقى انعكس حتى على الحركة الاقتصادية والتجارية فالتاجر أو المستثمر أو رجل الأعمال بات يرقب الأن الحالة السياسية بانتباه وحرص كبير لمعالجة حساباته الخاصة سواءً ما يرتبط منها بالوضعية الاقتصادية العامة ودرجة استقرارها أو بوضعيته الخاصة المرتبطة بعلافاته مع مسئولى الدولة ودرجة تفاهمه معهم وهى حالة خطيرة تعبر عن تحالف خطبر وغير مقبول بدأت تشهده الحياة السودانية أخيراً بين أهل السلطة وأهل المال حتى وصل للدرجة التى يتحدث فيها البعض عن دور حقيقى بدأ رجال المال يمارسونه الآن ويؤثرون به على الحياة السياسية حتى وصل لحد ممارسة الضغوط وتشكيل التحالفات لمساندة وزير أو وكيل وزارة أو حتى مسئول جهاز أو مدير مؤسسة اقتصادية اما ليعود الى منصبه للمحافظة على علاقة تفاهمية تراكمية نسجت معه مع طول مدة بقائه فى الوزارة المعنية بذاتها أو للابقاء على وجوده فى التشكيل الوزارى حتى ولو انتقل لوزارة أخرى .. المهم بقائه فى التشكيلة على أسوأ النتائج .. وهو أمر غاية فى الخطورة على حاضر ومستقبل البلاد فعندما تحكم مصالح البعض وتصيغ وفق ارادتها الحياة العامة على وجهها السياسى والاقتصادى تنهار الكثير من القيم والمبادىء وعلى رأسها العدل والمساواة والأمانة والصدق والتجرد فى ممارسة العمل العام .. ولعله من أسوأ ما نشاهده هذه الأيام تحديداً هو هذه الحالة من الخوف والهلع و ( الشبق ) التى تعترى هذه الأيام المسئولين من وزراء وقياديين على المستويات العليا وهم يحاولون الحفاظ على مناصبهم ومواقعهم فالوزراء ولأول مرة يفقدون ولحد كبير طمأنينهم وثقتهم فى دخولهم التشكيلة الوزارية الجديدة تبعاً للظرف السياسى الراهن الذى دفعت معطياته الحزب الحاكم للقطع بحتمية تشكيل حكومة عريضة حتى وان لم تكن ( قومية ) كما جاء فى قاموس السيد الصادق المهدى .. وبالفعل هنالك قناعة تامة لدى قيادات المؤتمر الوطنى ستطيح بعدد كبير من الوجوه التى اعتادت أن تسمع وبهدوء وطمأنينة أسمائها ضمن كشف التشكيل الوزارى ولهذا ذادت حالة هؤلاء الآن من الحمى والسهر و ( وجع الرأس ) فيما تهدد أمراض أكثر خطورة آخرين منهم والأخبار تقول بأن بعضاً من هؤلاء تلقوا نصائحاً من أطبائهم بضرورة الابتعاد عن مناخ الضغوط السياسية لفترة زمنية كافية .. الا أن من عمل بهذه النصيحة الأخيرة وحاول الابتعاد عبر السفر للخارج و لحين جلاء الموقف واجهته هواجس وصعوبات أخرى تعلقت بطول فترة الانتظار بالخارج ( حتى ولو كانت فى رحاب الأراضى المقدسة ) .. طالت بهولاء فترة الانتظار لاعلان التشكيل وبالتالى لم تعد لهم حاجة لتنفيذ الخطة ( ب ) والتى كانت تفضى باستخدام تأشيرة دخول أخرى لبلد آخر حال الاعلان عن التشكيل وخروج صاحب الخطة منه .. فمن الأفضل فى هذه الحالة البقاء قليلاً بالخارج لاحداث امتصاص نفسى واجتماعى ( لألم الخروج من الوزارة ونزع السلطة من النفس ) .. أما الآخرين من الذين لازالت بهم صلابة تمكنهم من خوض المعارك الضارية مع المنافسين فقد آثروا البقاء ليكونون قريبين من موقع الحدث وصنع القرار وهم الآن من تتزاحم بهم مكاتب ودهاليز بل ومنازل أهل النفوذ الأكبر الذين يضعون القوائم وفى يدهم قلمان أحدهما باللون الأحمر القانى والأخر باللون الأخضر الزرعى ومن كان محظوظاً سيكتب اسمه رباعياً ( حتى لأ تتشابه الأسماء ويقع المحظور ) باللون الأخضر ويقال له حينها أبشر فقد دخلتها ووجدتها يا فلان ابن فلان .. وأما من أستخدم على اسمه اللون الأحمر فقد خرج الى خارج الميدان فى مباراة تبدو كما ومباراة الكأس ويقال له حينها ( هاردلك ) كن صابراً ولأ تجزع فالحركة والسكون بأمر الله .. ونعم بالله يا هؤلاء .. !! .. هذه هى الصورة ولو كانت هذه هى حدودها وهذا هو اطارها الذى تسبح فيه لهان الأمر الى حد ما ولكن للأسف الأمر ينسحب من على هذه المناطق العليا لممارسة المسئوليات الى مناطق دنيا فى المؤسسات والأجهزة التى تشكل المفاصل السياسية والاقتصلدية لنشاط الدولة فمدير المؤسسة أو الجهاز الحكومى الآن أياً كان موقعه يعلم تماماً أن مستقبل وجوده فى موقعه مرتبط ومرتهن بالكامل لنتائج التشكيل الوزارى المنتظر فالأمر أضحى كما ومجموعات الجزر على المحيط كلاً بأهله وصاحبه و ( رأسه الكبير ) ان ذهب وأطيح به أصبح الموقع فى كف عفريت ولهذا يشهد النشاط العام الآن الاقتصادى والسياسى والاجتماعى وغيره حالة من الارتخاء والترقب والحذر والتوجس أدت الى شبه شلل فى حركة الدولة والمجتمع الذى بات هو الآخر حائراً بين انتظار ربيع ( سودانى – سودانى ) داخلى وبين ربيع ( سودانى – عربى ) يصله برائحة التغيير بالمنطقة العربية والذى وصل شذاه الآن حتى الساحات الأمريكية فى نيويورك وعدد من الولايات الأمريكية التى تهتف الآن ضد النظام المالى الأمريكى الذى كرس أوباما لضعفه وتراجعه بأكثر مما كان عليه فى زمان سابقه المعتوه جورج بوش الابن ..
.. ماالذى يحدث .. لماذا أصبح أمر التكليف بالعمل العام على هذا المستوى الذى يسعى اليه الطامعون فيه .. لماذا غابت الوجوه الزاهدة الصادقة المهمومة بصلاح المجتمع وعافيته وخيره وخير بنيه وحلت محلها هذه الروح المليئة بأطماع الدنيا وزخرفها وزينتها الفانية .. وأياً ما كان تقدير الأمر من هؤلاء وهؤلاء فان الأوضاع السياسية والاقتصادية التى تعصف بالبلاد الآن لن تترك مجالاً رحباً لأخطاء جديدة من شاكلة ما كان يحدث سابقاً بفعل الاختيار الخاطىء فى تقديم الكوادر وتكليفها بالوزارات والمؤسسات والمهام .. هذا زمان يجب أن تتراجع فيه الكوادر الضعيفة والطامعة لتحل محلها السواعد الفتية والعقول الناضجة والواعية لأهمية الخروج بهدا البلد الى بر الأمان والولوج به الى مربع أهل التقدم والتطور والنماء ..

ليست هناك تعليقات: