الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

# الأمم المتحدة ..عباس يسدد ونتنياهو يستقبل هدفاً وحماس خارج الشبكة .. !!

.. وأخبراً فعلها الرئيس الفلسطينى محمود عباس وقام مساء الجمعة الماضية وعند الساعة السادسة الا عشر دقائق بالتوقيت الدولى باخراج عبارته التى أعلنت تقديمه طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين فى الأمم المتحدة باعتبارها دولة كاملة السيادة على كل الأراضى الفلسطينية التى احتلتها اسرائيل فى يونيو من العام 1967م وعاصمتها القدس .. لم يكن الحدث مفاجئاً يالرغم من كل الضغوط التى مورست على عباس حتى قبيل دخوله لقاعة الأمم المتحدة بسويعات قليلة .. تلك الضغوط التى شارك فيها بل وقادها ( بالوكالة عن بنيامين نتياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى ) الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى حرص بدءً على توجيه الاشارات الدبلوماسية للفلسطينيين والرئيس عباس ثم ما لبث أن تحولت اشاراته الدبلوماسية الهادئة تلك الى تصريحات حملت صرامة واضحة تعبر بجلاء عن الموقف الأمريكى من الخطوة الفلسطينية المرتقبة باعتبارها خطوة غير موفقة ومهددة لتقدم العملية السلمية بين الفلسطينيين واسرائيل مشيراً الى حتمية العودة الى المفاوضات باعتبارها السبيل الوحيد للوصول لسلام بالمنطقة .. ومع صمود الموقف الفلسطينى والرئيس عباس لم يجد المسئولون عن وضع اللمسات الأخيرة لخطاب الرئيس الأمريكى أمام اجتماع الأمم المتحدة بداً من التعامل مع الخطوة الفلسطينية كواقع سيحدث فحقنوا خطاب أوباما بما يحدد قطعياً للموقف الأمريكى مع اشارات واضحة ذكرها أوباما بعدم فاعلية خطوة عباس اعتباراً لعدم جدوى قرارات دولية تخرج دون اتفاق كامل يوقعه الجانبان الفلسطينى والاسرائيلى تتويجاً لمباحثات مباشرة بينهما .. ولم تخلوا تلك الاشارات من تهديد مباشر باستخدام الولايات المتحدة لحق النقض الفيتو حال عرض الطلب الفلسطينى بواسطة مجلس الأمن الدولى ..

.. ما الذى حدث .. ؟؟ .. كيف استطاع الرئيس الفلسطينى محمود عباس الافلات من كماشة تلك الضغوط الدولية الهائلة عليه والتى بدأت منذ وقت طويل منذ اعلانه نيته تقديم الطلب الفلسطينى لعضوية كاملة بالأمم المتحدة لتزداد عليه على نحو ضاغط وعنيف قبيل حزمه لحقائبه متوجهاً الى نيويورك التى وما أن وضع قدمه على أرضها واستقر عليها حتى تزاحمت عليه الوجوه والأصوات فى ضغط متواصل قادته اسرائيل والولايات المتحدة لحمله على التراجع عن تقديم الطلب .. ولكن وبرغم كل ذلك أفلح عباس فى الوصول بطلبه الى بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة داخل مكتبه ليودع على كلتا راحتيه وبصفته الرئيس الفلسطينى طلب العضوية الكاملة لدولته على كامل حدود 1967م وعاصمتها القدس .. !! .. ثم أعتلى الرجل المنصة فى قاعة المنظمة الدولية وهتف بأروع ما جاء به الشاعر الفلسطينى محمود درويش .. ( واقفون هنا .. قاعدون هنا .. دائمون هنا .. خالدون هنا .. ولنا هدف واحد .. واحد .. واحد .. أن نكون .. ) .. ملوحاً بنسخة من الطلب أمام عضوية الأمم المتحدة المجتمعين أمامه .. لحظة تاريخية بحق .. ضجت فيها القاعة التى وصفها نتياهو ب ( المظلمة ) بالتصفيق الحاد من الحضور الممثل لجميع دول العالم فيما التقطت الكاميرات امتقاع وجه سوزان رايس مبعوثة الولايات المتحدة للأمم المتحدة التى انكمشت على مقعدها على نحو مثير .. أذاً .. كيف فعلها عباس هذا الرجل الذى لم يجد حضوره فى الساحة الفلسطينية ومنذ اللحظات الأولى من غياب الرئيس ياسر عرفات قدراً كافياً من الراحة والقبول لدى قطاعات الشعب الفلسطينى بمثل ما لم يجد وجوده على سدة السلطة الفلسطينية تفاؤلا كبيراً أو حتى منطقياً لدى عامة الشعب العربى والمسلم بل حملته هذه القطاعات الشعبية الحالة الانقسامية التى بات عليها الوضع الفلسطينى الداخلى المنقسم فى كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بمثل ما اتهمته هذه القطاعات بالمشاركة فى حصار الشعب الفلسطيتى فى غزة و بمحاولته كسر شوكة التيارات الفلسطينية المقاومة وعلى رأسها حماس التى اجتهدت فى رسم وخط صفحة التراجع والخنوع لعباس عن مسار استرجاع واقتلاع الحق الفلسطينى بذات القوة التى سرق وانتزع بها .. كانت هذه صورة الرئيس الفلسطينى محمود عباس فى الذهنية العربية الرافضة للاستسلام العربى للمسار التفاوضى الذى لا ترى له نهاية مع القدرات الاسرائيلية فى الالتفاف والجرأة فى نقض العهود والاتفاقيات وعدم المبالاة بالقرارات الدولية ضدها .. ولكن بدا الرئيس محمود عباس يوم الجمعة الماضية على وجه جديد استطاع عبره مخاطبة الوجدان العربى والمسلم من المحيط الى الخليج ومن طنجة الى جاكرتا على نحو لم يحدث قط منذ النكبة قى العام 1948م .. وبالفعل خفقت القلوب العربية وهى تتابع عبر القنوات الفضائية الحدث مباشر وعلى الهواء .. ولعل المكر الاسرائيلى أصيب وانهزم من حيث أراد أن يصيب ويهزم موقف عباس .. ذلك عندما تفاجاً الحضور ولم تختفى بعد من على الأكف حرارة التصقيق لخطاب عباس برئيس الوزراء الاسرائيلى يعلن باعتباره المتحدث التالى مباشرة بعد محمود عباس وأعتقد بأن من دبروا هذا الأمر ما كانوا سيفعلوا ذلك اذا ما علموا بتلك الصورة التى أطل عليها الرئيس الفلسطينى من قوة طرح وثقة نفس وفصاحة لسان مما ساعده فى كسبه موقف الحضور المؤيد عبر التصفيق الحاد الذى قاطع خطابه لأكثر من أربع مرات وهو الأمر الذى بسببه ظهر بنيامين نتياهو مرتبكاً فى قراءته لخطابه على نحو جعله معزولاً فى قاعة فسيحة مليئة بالحضور وصفها هو بالقاعة المظلمة فى اشارة لمواقفها ضد كيانه وكأنه قد نسى أو تجاهل ما استقبلته هذه القاعة من عشرات ( الفيتو ) - قرارات النقض - التى استخدمتها الولايات المتحدة لصالح كيانه الاسرائيلى .. وآخرها كان الرفض الأمريكى لادانة تل آبيب وفقاً للتحقيقات التى خرجت وأكدت مذابحها التى ارتكبتها فى قطاع غزة .. !! وبالرغم من الصعوبات الكبيرة التى سيواجهها المسعى الفلسطينى الهادف لتصويت مجلس الأمن لصالح قرار العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية بل وربما استحالة ذلك مع الفيتو الأمريكى .. الا أن ما قام به عباس الجمعة الماضية سيضع القضية على مسارها الصحيح ولأول مرة منذ أكثر من ستون عاماً .. فعندما تتمايز المواقف الدولية وتنجلى حقيقتها وتتعرى أمام العالم يضحى الأمر أقرب الى الوصول فيه لحلول دولية عبر الأمم المتحدة باعتبارها المنظمة التى لازالت وحدها هى من يحمل الشرعية الدولية لاصدار القرارات الدولية والاعتراف بها حتى وان لم تنفذ او تم تجاهلها من قبل كيان كالكيان الاسرائيلى أو دولة كالولايات المتحدة .. والعالم الذى نراه اليوم بدأ يأخذ لنفسه وضعية جديدة ووجه جديد تراجعت فيه فرص أحادية الفعل والقوة مع تطورات الحاضر بمعطياتها الاقتصادية والسياسية حيث لم تعد الولايات المتحدة اليوم كما وزمان سطوتها عقب سقوط الاتحاد السوفيتى مروراً بعقد التسعينات من القرن الماضى والسنوات الأولى من القرن الحالى .. هنالك لاعبون جدد بدأ تأثيرهم على هرم الفعل الدولى يأخذ له مساحة مقدرة تزيد الآن ولا تنقص .. كما وأن المنطقة العربية التى سكنت وتجمدت بفعلها السياسى لأكثر من أربعين عاماً بدأت الآن تضج بالتغيير الشعبى كما وبدأت الارادة الشعبية تبنى قدراً جديداً على واقع ومستقبل المنطقة برمتها وهو الأمر الذى يحتاج معه الشأن الفلسطينى والقضية الفلسطينية لأن تخرج للعالم الدولى وهى تحمل فى يدها شرعية دولية قانونية كاملة تدافع بها عن موقفها وحقها وهو ما سيحدث بالفعل فحتى مع السقوط المنتظر حتماً لمشروع قرار اعتماد فلسطين دولة كاملة العضوية بسبب الفيتو الأمريكى المتوقع .. فان القضية الفلسطينية ستكسب الجولة بسبب اعلان معظم الدول الأعضاء وقوفهم مع القرار مع تأييد نوعى يتوقع أن تضيفه الصين والاتحاد السوفيتى وربما عدد من الدول الأوروبية فضلاً عن تقدم موقف بعضها الآخر حتى وان جاء عبر مواقف التحفظ أو الامتناع عن التصويت .. هذه النتيجة المتوقعة ستدفع حتماً القضية الفلسطينية الى مربعها الفاصل بين أن تكون هنالك دولة فلسطينية على الأرض سلماً أو حرباً .. ولعله من المثير أن تأتى ردة فعل حركة المقاومة الفلسطينية حماس لما حدث يوم الجمعة الماضية على النحو الذى عبر عنه سامى أبو زهرى المتحدث الرسمى باسم الحركة الذى وصف الخطوة بالفارغة من المضمون باعتبار أن الرئيس عباس قد فشل فى تحديد الكيفية التى تتحقق بها دولة فلسطينية على الأرض ولم يعلن مع طلبه الرفض القاطع للتفاوض مع اسرائيل .. !! .. هذا الموقف يبدو غريباً وفيه الكثير من اسقاطات العلاقة المتوترة بين حماس وفتح وابو زهرى نفسه يردف قوله ذاك بعبارة تقول بأن ( حركة حماس لم تخطر بترتيبات الخطوة وعلمت بها من وسائل الاعلام وعلى عباس الآن أن يعود للمفاوضات مع حماس للوصول لموقف موحد تجاه ما يجب فعله ) .. هنا تبدو حماس وكأنها تتصرف على وجه فيه الكثير من عدم التبصر الكافىء وعدم التقدير الحقيقى للحدث وأثره .. صحيح أن ذلك كان يجب أن يتم بحيث أن يكون الموقف الفلسطينى متوافقاً الا أن عدم حدوثه للأسباب الراهنة والمعلومة أو على أى وجه كان لأ يعنى أن تضع حماس موقفها مما تم فى مقر الأمم المتحدة هكذا فى موقف اتهام من كونه موقف فيه الكثير من عدم الكياسة والحنكة السياسية التى عرفت بها حتى أن سامى أبو زهرى بكل ما عرف عنه من فصاحة وقوة فى الحديث بدا وكأنه ليس على قناعة تامة بما يصرح به وحتى اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة جاء تعليقه محبطاً عندما قال بأن ( على عباس أن لأ يستجدى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من أحد .. !! ) .. تصريح بدا هو الآخر غريب على قادة حماس بذكائهم الذى عرفوا به ..

.. وأخيراً نحاول الاجابة على سؤالنا الذى لم ندفع باجايته حتى اللحظة .. كيف فعلها عباس .. ؟؟ .. كيف تخطى حواجز الضغوط وخرج على المألوف الذى اعتادت المنطقة العربية عليه .. ؟؟ .. نعم .. انه الربيع العربى ينشر الآن شذاه على طريق القضية الفلسطينية وعلى فضاء قاعة الأمم المتحدة بنيويورك .. هل كان الأمر سيتحقق لعباس اذا لم يتغير المشهد العربى .. ؟؟ .. وبتقريب أكثر هل كان سيتغير عباس تفسه وتتغير مواقفه اذا كان الرئيس حسنى مبارك لأ زال على حكم مصر .. نعم الربيع العربى بأحداثه ونتائجه بدأ بالفعل يرسم مشهداً عربياً جديداً .. ويا قادة حماس فى زمان الحدث والفعل لأ تخرجوا وتاريخكم المشرف من نطاق الشبكة حتى لأ تفقدوا اتصالكم بجماهيركم التى هللت وصفقت يوم الجمعة الماضية لمحمود عباس فقط لأنه خطى خطوة للأمام من أجل فلسطين والأمة العربية والاسلامية ..

ليست هناك تعليقات: