الجمعة، 8 يوليو 2011

# أطلبوا البشير ولو فى الصين .. !!
.. لأ شك بأن زيارة الرئيس عمر البشير والوفد الوزارى المرافق له لدولة الصين الشعبية قد حققت أهدافها التى وضعت لها تماماً ويمكن القول هنا بأن أهم أهداف الزيارة قد تحققت لحظة وضع الوفد السودانى ورئيسه لأقدامه أرض مطار العاصمة الصينية بكين فيما توالت نجاحات الزيارة بلقاء البشير – هوجنتاو وما صاحبها وتلاها من مباحثات مشتركة خرجت بنتائج كبيرة على مستقبل علاقات البلدين الاقتصادية والسياسية معاً فى حقبة ما بات يعرف الآن بمرحلة ما بعد التاسع من يوليو ومن الواضح أن الزيارة قد اهتمت بوضع علاقات البلدين الاقتصادية فى المربع الاستراتيجى طويل المدى بتوقيع المزيد من الاتفاقيات طويلة الأجل فى مجال النفط والتعدين والزراعة بجانب اتفاقات أخرى افى المجال الصحى والتعليمى والاعلامى فيما جاء خطاب الرئبس الصينى هوجنتاو ليؤكد الشراكة السياسية المطلقة غير المقيدة بأى قيود سياسية اقليمية أو دولية أو حنى داخلية ترتبط بالشأن السودانى وهى تصريحات تأتى ولأول مرة صريحة على النحو الذى خرجت به من الجانب الصينى على أعلى مستوى سياسى يمثله الرئيس الصينى نفسه .. !! .. و هذا هو الهدف السياسى الأوحد الذى تتمحور حوله كل أهداف الزيارة فى جانبها السياسى وقد نجح الأمر هنا على نحو مذهل صمتت بعده بعض الأصوات الغربية والأمريكية التى عارضت الزيارة وحثت على استحياء بكين على عدم اتمامها فى وقت تحمل فيه هذه الأصوات والجهات التى تمثلها قناعة تامة بالعمق الذى وصلت اليه علاقات الجانبين الاقتصادية وبالتالى السياسية على نحو يصعب معه ارجاع القطار الى الخلف أو حتى محاولة اعادة توجيه مساره الى وجهة أخرى غير وجهته التى انطلق تجاهها ..
.. ولعل المتابع للشأن السودانى منذ السنوات التى مثلت أوائل التسعينات من القرن الماضى و التى عاشت فيها الخرطوم أقسى سنواتها السياسية والاقتصادية نتيجة استنزافها من حرب الجنوب وما داخلها من اضطرابات دارفور بجانب المراحل الأولى والمتتالية للحصار الاقتصادى والعقوبات الاقتصادية التى قادتها الولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات بجانب مرحلة القطيعة العربية عقب حرب الخليج الثانية .. يخرج بدهشة بالغة بقدرة السودان على المضى بعلاقته الاقتصادية والسياسية مع الصين بهذا المعدل من التسارع الذى أفضت نتائجه الآن الى بلوغ حجم الاستثمارات الصينية بالسودان ما قارب من السبعة مليارات دولار فضلاً عن استثمارات لم ترصد بعد فى مجال النفط والتعدين بمناطق حديثة متفرقة من شمال السودان ووسطه .. !! .. كيف استطاع السودان أن يفعل ذلك بكل هذا النجاح وهذه النتائج التى تيدو اليوم مذهلة بحكم تلك الظروف الخانقة .. ؟؟ !! .. وربما سار الأمر هنا يموضوعية الظروف نفسها حيث كان من الطبيعى اتجاه السودان الى الشرق فى وقت تداعى عليه فيه الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة وساعد فى تأجيج حرب الجنوب واضطرابات دارفور .. ولكن كيف تم الأمر بآليته وتكنيكه وكيف عبر التخطيط وكيف جاء التنفيذ ومن قبل هذا من الذى جاء بالفكرة ( على موضوعيتها تلك ) واستطاع تمريرها كاستراتيجية كاملة حكمت التوجه السياسى والاقتصادى لدولة السودان للعشرين عاماً الماضية .. ؟؟ .. الاتجاه شرقاً .. من هتف بهذه العبارة وقاد بها صانعى القرار السياسى والاقتصادى .. ؟؟ .. الاجابة هنا ليست مدهشة ولكن ربما تكون ( محرجة ) للبعض .. نعم هو الدكتور حسن الترابى الذى باغت الجميع حينها برؤية جريئة تقول بضرورة حزم كل المتاع والاتجاه به نحو الشرق الآسيوى والصين وهو ما كان يعنى حينها دخول السودان فى معركة شرسة وانتحارية تهدف الى فك الارتباط الاقليمى الخانق عليه من الشمال بوجود مصر مبارك الحليف الأول للولايات المتحدة والغرب فى المنطقة العربية والأفريقية بجانب مقاومة كل المهددات العسكرية والأمنية على الشريط الحدودى الأفريقى ذو الارتباط القوى بواشنطن والغرب بجانب مجابهة التحديات الداخلية بالجنوب الملتهب بحركته المدعومة والمساندة أصلاً بالولايات المتحدة والدول الغربية وهو ما يعنى مجابهة عدو ميدان لديه ارتباطه الاستخباراتى العسكرى والأمنى مع الغرب الممول وربما المخطط لحركته ضد الخرطوم .. هذا فضلاً عن واقع عربى غير هاضم لفكرة الاتجاه شرقاً كما وأيام الحرب الباردة .. فقوة الارتباط العربى الاقتصادى والعسكرى - التسليحى بالغرب والولايات المتحدة يجعل مجرد الفكرة لدى العواصم العربية أقرب ما تكون لتهيؤات مسطول بات برى بعضاً من حجارة الأرض نجيمات على السماء .. وبالرغم من سطوة الترابى الفكرية والسياسية آنذاك الا أن الفكرة وجدت وعند ولادتها بعضاً من الهمهمات والمدهش أن هذه الهمهمات المتحفظة قد جاءت حينها من الصفوف الفكرية والسياسية المتقدمة فى صف الانقاذ السياسى – الفكرى بينما تم حسمها من قبل الصفوف العسكرية المتقدمة أيضاً فى صف الانقاذ العسكرى – الأمنى فهؤلاء العسكريون خرجت قراءتهم من الميدان العسكرى حيث كان للصين دوراً كبيراً لآيخفى على أحد فى تسليح الجبش السودانى بما ساعده فى الصمود وتحقيق التقدم فى حرب الجنوب الطويلة .. كانت الصين تدعم والآخرون ( الغرب والولايات المتحدة ) يدعمون الحركة الشعبية ..!! .. هذه هى قراءة العسكريون التى رجحت فكرة الترابى بالاتجاه شرقاً بالرغم من عدم وجود مقاومة تذكر ضدها الا أن أولئك ( المهمهمون ) من أهل الفكر السياسى كانت لهم دفوعاتهم التى أسر بها بعضهم لبعضهم فيما أوصلها للترابى والرئيس البشير شخصيات رؤى أنها الأنسب لتفعل ذلك .. كان رأى هؤلاء يقول بأنه من الصعب الاعتماد هكذا وعلى نحو مطلق على الموقف الصينى فى ظل السطوة الأمريكية والقوة الاقتصادية لواشنطن التى بالفعل كانت تملك وقبل دخولها فى مراحل التدهور الاقتصادى والأزمة المالية الأخيرة ما يجعلها تضغط ضغطاً ايجابياً ومؤثراً على بكين وبالفعل نجح هذا عدة مرات بما انعكس على الوضع السودانى فبالرغم من الموقف الصينى غير المتوافق مبدءاً مع الموقف الأمريكى والغربى تجاه السودان الا أن الضغوط الأمريكية كثيراً ما أفلحت خاصة خلال السنوات العشر الأولى من العشرين عاماً الماضية فى ازعان بكين لقرارات ضد السودان تبنتها الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الا أن الأمور سارت وفق تلك ( الهلوسة الترابية ) وفقاً لما خطط له هذا الرجل الداهية .. وهو ما يشير اليوم لسلامة رؤيته فى مقابل رؤية أولئك المتحفظون فقد استطاعت الصين وبتسارع نمؤها اليوم من حجز موقع مريح فى مقدمة الاقصاديات العالمية فى وقت بدأ يترنح فيه الاقتصاد الغربى والأمريكى حتى وجد باراك أوباما نفسه يوماً وعقب توليه رئاسة سيدة العالم يناشد من بكين ومن داخل الفصر الرئاسى الصينى الرئيس الصينى الاستمرار فى شراء السندات المالية للشركات الأمريكية للمساعدة فى انقاذها بعد أن أصبحت بكين المركز الأكبر استحواذاً على الكتلة النقدية فيما سجل الميزان التجارى بين البلدين قراءة مخيفة لواشنطن تنبئها بخطر داهم لا محالة .. هنا الترابى قدم قراءة مدهشة استفاد فيها من الأضلاع الثلاثة للزمان الماضى والحاضر والمستقبل فالتاريخ يقول بأن السودان كان هو الدولة العربية الأولى التى ابتدرت علاقات مع بكين وهى الدولة العربية الأولى التى افتتحت سفارة لها بالعاصمة الصينية فى العام 1959م هذا التاريخ أسس للتوجه الجديد لدولة السودان نحو الصين حيث أوجد عمقاً تاريخياً أعطى تبريراً سياسياً كافياً أما الحاضر فيقول بأن الصين تدخل مرحلة اقتصادبة جديدة تحتاج فيها الى الوصول الى افريقيا تلك القارة التى لأ زالت بكر فى مواردها وطاقاتها وبالرغم من وصف التاريخ السياسى المعاصر لأفريقيا باعتبارها قارة الوجود الأوروبى و الأمريكى فى أوقات متقدمة الا أن الصين تطمح اليوم لتغيير المعادلة وهو الأمر الذى وبالتحديد صاغ صمود بكين وهى تصارع الضغوط الأمريكية والغربية على شدنها وقسوتها من أجل البقاء فى السودان الذى قدم لها مفتاح افريقيا على طبق من ذهب .. وبالفعل تلج الصين الآن افريقيا من بوابة السودان فتصل الى أثيوبيا لتصيح أكبر مستثمر أجنبى بها بل وتتقدم لتساهم فى تمويل أكبر السدود التاريخية فى المنطقة الذى يمثله سد الألفية العظيم بمنطقة بنى شنقول على الحود السودانية – الأثيوبية ذلك السد الضخم الذى سيحجز خلفه ما يزيد عن 62 مليار متر مكعب من المياه بما يمثل ضعف مياه بحيرة تانا نفسها البالغ طولها 84كلم بعرض 66كلم وعمق 15 متر ومساحة 3000 كلم مربع .. !! .. وهذا الوضع الأثيوبى تحدبداً فى علاقته بالصين يفسر العمق الذى بدت عليه علاقات الخرطوم بأديس أبابا خلال السنوات الأخيرة .. فهنالك وعلى الواقع المعاش الآن نموءاً مدهشاً فى علاقات البلدين الاقتصادية والسياسية وبحضور الصين يكتمل المشهد ليحكى عن تحالف دولى اقليمى فى المنطقة بحضور صينى طاغ بات يؤمن غطاءً دائماً لأمن السودان وثرواته النفطية فمن سيجروء على تدمير الاستثمارات الصينية هكذا بفعل أحمق أو مباشر بمثل ما حدث فى العراق .. ؟؟ !! .. والسودان بذلك لأ يؤمن أمنه من الخارخ فقط ولكن يقفل وعلى نحو كامل ونهائى جبهة الحود الشرقية مع أثيوبيا التى طالما مثلت صداعاً دائماً للخرطوم .. وليست اثيوبيا وحدها .. الصين الآن تدمغ الوسط وجزءاً كبيراًمن الشرق الأفريقى بلونها الأحمر القانى والسودان هو البوابة التى عبرت بها هذه الاستثمارات فى وضعيتها الحديثة .. هذا هو الفعل الذى ان فعله رجل ما يمكن أن يطلق عليه بأنه قد غير التاريخ وهو ما فعله بالفعل الدكتور الترابى الذى يستفيد من رؤيته هنا للمستقبل فيرى الصين الجديدة بقدرتها الاقتصادية الكبيرة وبحضورها السياسى الحاسم فى صناعة القرار السياسى الدولى والاقليمى فيرهن وجوده وحكومته ودولته فى كلمتين كررهما البشير اليوم فى بكين .. الاتجاه شرقاً .. والسودان بنجاحه اليوم فى علاقته مع الصين يكون قد قدم تجربة لأبد أن تقرأها الولايات المتحدة بحذر شديد حيث أوجد هذا الفعل السودانى حقيقة تقول للجميع بأن هنالك فضاءاً على كوكب الأرض غير الفضاء الأمريكى يمكن الاتجاه اليه والتحلق حوله وهو ما يمكن أن تتجه نحوه والفعل المزيد من الدول بالمنطقة خاصة الدول العربية بمنطقة الشرق الأوسط التى باتت تكفر شعوبها اليوم بالمعادلة القديمة وأخذت تخرج الى الشارع مطالبة بالتغيير حتى فى التوجه الخارجى لعلاقات بلدانها فيما وصلت ذات القناعة على وجه آخر لعدد من القيادات العربية التى لازالت فى السلطة بعجز واشنطن عن انقاذها واخراجها من هذه الورطة التاريخية الى بر الأمان ..
.. اذاً هذا ما أراه على ظلال زيارة الرئيس البشير الناجحة للصين وللنجاح وجوه كثيرة كأن ينجح هذا الرجل الذكى المسمى الترابى فى احداث هذا التغيير التاريخى فى مسار علاقات السودان والمنطقة برمتها بمثل ما ينجح هذا الداهية فى استمرار مسرحيته السياسية التى بدأت فصولها باختلاف وهمى وانفصال واهن بينه وبقية الاسلاميين بقيادة الرئيس عمر البشير والأستاذ على عثمان لتستمر حتى الآن دون أن يسدل الستار عليها والذى لأ أحسبه سيسدل أبداً طالما ظل هذا الرجل يحكم ويعارض فى ذات الوقت بمثل ما يفعل اليوم وطالما ظلت المعطيات حوله باقية بقاء المعادلة الدولية الحالية التى يطمع الرجل أن تتغير فى يوم ما .. ربما بصعود هؤلاء الصفر قصار القامة على خشبة المسرح الدولى وبيدهم السوط والصولجان .. (.. ويا جماعة حكاية المسرحية دى حقيقة .. على الطلاق حقيقة .. ) ..

ليست هناك تعليقات: