الخميس، 2 يونيو 2011

استشهاد بن لادن ..شىء من الحقيقة وشىء من الخيال وشىء ما فى قناة الجزيرة .. !!

يبدو أن حادثة اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن سيضمها التاريخ الى تلك الحوادث الغامضة التى لم بكشف عن تفاصيلها على نحو ما وقعت عليه فى الحقيقة بدقة الوصف وتسلسل الوقائع فقد جاءت الرواية الأمريكية باعتبارها الرواية الوحيدة أقرب للخيال منها الى الحقيقة والا فكيف يمكن للعالم أن يهضم حقيقة وجود المطلوب الأول للولايات المتحدة بكل جحافلها العسكرية والاستخباراتية والسياسية والدبلوماسية فى موقع لأ يبعد عن العاصمة الباكستانية اسلام أباد أكثر من ساعتين ونصف بالسيارة وبالقرب من قاعدة عسكرية كبيرة ..!! الوجود العسكرى والاستخباراتى الأمريكى فى كل مكان من أرض الباكستان وبن لادن على بعد أميال أو قل بضعة كيلومترات من أقرب مركز عسكرى أمريكى .. !! .. خمس سنوات قضاها الرجل داخل هذا المنزل مع زوجاته وأبناءه والجميع لأ يدرى ..!! هذا هو الخيال .. !! .. أما الحقيقة فقد أكدها تنظيم الشيخ بن لادن نفسه .. لقد استشهد الرجل على يد فرقة خاصة من البحرية الأمريكية .. هكذا أعلن أوباما على الملأ الحدث الذى اعتبره انتصاراً تاريخياً للولايات المتحدة الأمريكية حتى ولو كان معناه الوصول أخيراً لرجل واحد وقتله بعد رحلة بحث استمرت أكثر من عشر سنوات كاملة نالت ما نالت من هيبة أكبر قوة سياسية و عسكرية ورأسمالية فى العالم بمثل ما استنزفت منها من قدرات مالية ضخمة تم انفاقها طوال السنوات الماضية فى رحلة شاقة أسماها بوش الصغير رحلة القضاء على الارهاب ..!!

.. الحدث كان بالفعل مدوياً واستطاع أوباما أن يهز الجميع ويشدهم من اذانهم ليصحون معه على حقيقة ما حدث .. اليوم يسدل الستار على حياة زعيم القاعدة .. هب الجميع لمتابعة الحدث وتفاصيله وكان بديهياً أن نتجه نحن فى المنطقة العربية لقناة الجزيرة التى أضحت مورد الخبر الحى المباشر بتفاصيله ومضاعفاته .. وهو ما حدث بالفعل الا أننى قد دهشت أيما دهشة من التناول ( الحوارى ) المتابع للحدث بحثاً وجدلاً وتحليلاً ..جاء التناول الحوارى لهذه الحادثة الضخمة أحادياً فى فكرته واتجاهه بما يمكن أن يودع فى نفس المتابع قناعة بتعمد القناة اعتماده كفكرة أساسية فى تغطيتها الحوارية على الأقل .. ولعل دهشتى هذه جاءت صادقة من جهة أننى من أكثر المؤيدين لطرح هذه القناة ومن أكثر المعجبين بمهنيتها وقوة تأثيرها بل وأننى قد نصبت نفسى مدافعاً عنها وعن أدائها أمام كل من يشكك فى استقلاليتها ومهنيتها وآخر معاركى فى هذا كانت مع أحد الاخوة الذى اتهم الجزيرة فى أهدافها من دعم حركات التغيير السياسى التى تشهدها المنطقة العربية الآن وقد صرخت فيه بقولى بأن ما تفعله الجزيرة هنا حتى و لو كان من ورائه الشيطان نفسه لوقفنا معه فليس أقل من أن نهلل لانهيار أنظمة ظلت مكبلة لشعوبها عشرات السنين قاهرة مذلة لها حتى ضاعت ملامح الحياة فيها .. بدأت القناة وفور تلقيها الخبر فى استضافة مجموعة من الصحفيين والمفكرين العرب ليصبوا ( وفق استعداد فكرى ومفاهيمى سابق لهم ) لمشاهدى القناة فكرة واحدة صماء لا تقبل مع طرحهم الصارم أية أفكار أخرى تجاه تاريخ ومرجعيات زعيم القاعدة الراحل .. جاءت القناة وفى صدر معالجاتها الرئيسية عقب اعلان أوباما بقتل بن لادن بجهاد الخازن الصحفى العربى ( اللندنى ) المعروف لتتبعه بآخرين اجتمعوا جميعاً على فكرة واحدة تقول بأن ( العرب قد تخلصوا من كارثة كبيرة اسمها اسامة بن لادن الذى كما قرروا تسبب فى كل ما أصاب المنطقة العربية نتيجة معاداة الولايات المتحدة والغرب للعرب وكراهية شعوب وحكومات هذه الدول لهم فى أعقاب أحداث الحادى من سبتمبر فى 2001م .. لتكتمل الفكرة بالاشارة لانتهاء عهد القاعدة ونهجها بسحب الثورات العربية الحالية للبساط من تحتها .. !! ) .. وفى اليوم التالى جاءت الجزيرة بمحللها الحصرى الدكتور عزمى بشارة الذى ذهب طرحه فى ذات الاتجاه بل وزاد فى اتهام مسيرة بن لادن واصفاً لها بالرجعية والهمجية تماماً كما عبر عن ذلك جهاد الخازن وقد بدا بشارة شديد الحرص على التأكيد بأن بن لادن لم يكن يهدف مطلقاً للوصول لأنظمة عربية ( ديمقراطية ) بما يعنى يأن ما يحدث الآن من ثورات عربية شعبية غيرت أنظمتها الحاكمة هى من تصدت عبر تنظيماتها وهزمت نهج بن لادن .. !! .. ما هذا الهراء .. كيف خرج هذا الحديث الساذج من محلل الجزيرة ( الحصرى ) ..؟؟ .. وكيف لم تحرص الجزيرة على وزنه بآراء أخرى يما يجلى الحقيقة الموضوعية ..أية مسيرة هذه التى تبعتها الكيانات التنظيمية العربية قبل أن يهب هؤلاء الشباب فى مصر وتونس كما والطوفان الذى لايد أن يكون يشارة قد استيقظ معه مزعوراً كما استيقظ بأثره الجميع من المحيط الى الخليج ..؟؟!! .. أية مكونات تنظيمية سياسية عربية كانت تقاوم وتخطط لما حدث يا دكتور لتقرر بأنها قد انتصرت الآن على نهج بن لادن .. ألم تنام هذه التكوينات بزعاماتها فى فنادق لندن وباريس وروما طوال العقود الفائتة تاركة شعوبها تعيش الجحيم مع هذه القيادات المجنونة المعتوهة حتى اذا ما طفح الكيل خرجت بنفسها كافرة بتلك القيادات وأنظمتها .. ؟؟ وبن لادن الذى تحاكمه الآن وتنظيمه ألم يكن هو من كفر فبل الجميع بهذه الأنظمة واعتبرها خائنة لشعوبها فخرج بماله ونفسه ليفعل شىء عندما تحول الجميع الى لا شىء غير التيعية الجبانة والعمالة الخائنة ..؟؟ واذا ما كان بن لادن لا يريد للشعوب العربية أن تتحرر من أنظمتها لتمارس حياتها عبر أنظمة حرة فلماذا كفر يها واعتبرها خائنة ..؟؟ وكيف سيصمد منطقك هذا عندما يبث تنظيم القاعدة الذى أقر باستشهاد زعيمه الشريط الذى وعد ببثه قريباً والذى يحوى تسجيلاً صوتياً لزعيمه يهنىء فيه الشعوب العربية بتحررها فى تونس ومصر مباركاً لها سعيها وقد ألفنا من هذا التنظيم الصدق اذا وعد بشىء وسيحدث ذلك حتماً .. وكيف يمكنك يا دكتور وبكل هذا التبسيط المخل أن تعتبر كل حياة بن لادن وتنظيمه هكذا كانت عبثاً ..؟؟ .. ان حرصت الجزيرة على الخروج برؤية متوازنة لما أقررته أنت هنا لأتت بمن يقول لك أنه وبالرغم من كل الأخطاء التى اتهم بها تنظيم القاعدة سواءً فى أحداث سيتمبر 2001م أو فى العراق الا أن الرجل قد مثل الصرخة الوحيدة التى انطلقت وجلجلت بصداها فى الفضاء العربى والاسلامى الصامت صمت القبور تجاه ما حدث من ظلم وتقتيل لابناء الأمة الاسلامية فى فلسطين والعراق وافغانستان .. من كانت له ردة فعل على جرائم اسرائيل فى أرض فلسطين ولازالت مذابح قانا وصبرا وشاتيلا حاضرة فى الذهن والضمير العالمى وأوباما يتحدث عن ضحايا سبتمبر ويتجاهل كل الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ العرب ..!! .. هل عجزت الجزيرة عن الاتيان بشخص ما لبزن القول الذى اماله دكتور يشارة حتى جعل أعلاه اسفله واسفله أعلاه .. ؟؟!! .. لماذا جاءت الجزيرة فى هذا اليوم بجهاد الخازن وزهدت فى اطلالة عبدالبارى عطوان بالرغم من معرفة الأخير العميقة بتاريخ وحياة بن لادن .. ؟؟ وان وجد بعض مشاهدى الجزيرة العذر للخازن وبشارة بحكم تكوينهما الفكرى والسياسى فكيف يجدون العذر لضيف آخر حرصت الجزيرة على استضافته لينسج ذات الفكرة للمشاهدين ( انتهاء عهد بن لادن الهمجى الفوضوى الرافض للحرية والديمقراطية الحديثة ) .. كان هذا الضيف هو الشيخ راشد الغنوشى زعيم حزب النهضة الاسلامى بتونس .. !! .. تونس الثورة التى لم تكتمل حتى بحضور الغنوشى الذى ظل هو الآخر نزيلاً بفنادق لندن لعقود متتالية متثافلة على جماهير الحركة الاسلامية بتونس .. !! .. لأ ندافع هنا عن الشبخ بن لادن ولا نقف مؤيدين لكل ما فعل فتاريخ الرجل وجهاده هو ما يدافع عن الرجل حياً كان او ميتاً .. ولكن نخشى فقط أن يقول البعض يا أهل الجزيرة ( ليست هذه هى المهنية التى احترمنا الجزيرة من أجلها ..) .. ومسيرة بن لادن التى اعتبرها بشارة والعجوز جهاد الخازن والشيخ راشد الغنوشى مسيرة همجية رجعية كان يمكن للجزيرة أن ترضى الموضوعية اذا ما جاءت بأحدهم ليشهد لبن لادن بأنه ورفاق له قد نجحوا فى دفع الشباب العربى المسلم ليخوضوا مسيرة جهادية خالدة أخرجوا عبرها السوفيت من أفغانستان بمثل ما نجح فى جعل الوجود الأمريكى فى المملكة السعودية وسواحل اليمن مراً كما والحنظل .. وبالرغم من عدم سيطرة الرجل على ما قام به البعض فى العراق من عمليات غير أخلاقية لا تمت للاسلام وتعاليمه بصلة الا أن وجوده الفاعل فى العراق وأفغانستان قد نال ما نال من القوات الأمريكية المحتلة حتى بات الأمر للبيت الأبيض درساً قاسياً قررت بمقتضاه تسريع خطوات خروجها من البلدين فضلاً عن امتناعها عن خوض حرب جديدة فى بلد مسلم حتى ولو كان فيه رجل مجنون اسمه معمر القذافى ..
.. ولعل قادة المنطقة من الحالمين بدخول عهد جديد تطوى فيه الولايات المتحدة ملف حربها على المنطقة الاسلامية والعربية بعد قتلها زعيم تنظيم القاعدة .. يرون أن هنالك تبريراً حكيماً لهذه الانتهازية التى تخطب ود اوباما ودولته .. ولكن وقائع التاريخ البعيد والقريب يكذب هؤلاء الذين اختبأووا وهربوا خوفاً من مجرد التعلبق على حادثة استشهاد بن لادن حتى لأ ترصد واشنطن مواقفهم ولكن الشعوب العربية والاسلامية المنتفضة الآن خرجت وفى ذات ساحات التغيير لتحيى حضور الشيخ أسامة بن لادن بينها حياً لم يمت ..

ليست هناك تعليقات: