الجمعة، 14 سبتمبر 2007

* كونداليزا رايس .. الزيارة الأخيرة ..!!

.. كعادتها أفلحت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية فى المحافظة على ابتسامتها الجزلة وهى تؤدى مهمتها الأخيرة بالمنطقة العربية فى ظروف خانقة تواجه حكومتها نتيجة لتطورات الأوضاع الأمنية والعسكرية ببغداد فبالاضافة الى ارتفاع معدلات الخسائر البشرية والمادية التى ظلت تتعرض لها القوات الأمريكية مع الصيحات التى بدأت تعلو أصواتها أكثر من قبل القوى المدنية المعارضة لاستمرار التواجد الأمريكى .. جاء انسحاب جبهة التوافق السنية ليحدث أكبر تصدع يصيب الحكومة العراقية بقيادة المالكى هذا مع وصول فاتورة تكلفة الحرب خلال فترة وجيزة ووفق تقديرات الكونغرس لما قد يصل الى ألف مليار دولار فى ظل حرب ضروس يخوضها الرئيس بوش فى مواجهة مؤسسته التشريعية المعارضة والرافضة لاستمرار التمويل للقوات الأمريكية دون ربط لذلك مع اقرار جدولة زمنية قاطعة لانسحابها من العراق .. هذا كله فى ظل توجسات عربية متصاعدة باحتمال رضوخ الرئيس بوش وحكومته الى قرار مفاجىء يقضى بانسحاب مفاجىء من العراق دون وضع ترتيبات مسبّقة للأوضاع المستقبلية بما يعنى وضع المنطقة وباكملها تحت برميل بارود يوشك على الانفجار خاصة فى ظل التوترات المتصلة بالملف الايرانى والحلف الاقليمى القوى بين دمشق وطهران وما يصله بتوترات الأوضاع الفلسطينية المعقدة بانقساماتها .. وفى ظل هذه الخارطة التى تبدو أكثر تعقيداً مما ارتسم على شفاه كونداليزا رايس يدفع السؤال بنفسه .. هل هذه هى الزيارة الأخيرة لرايس قبل أن يرفع الستار على فصل جديد بالمنطقة يشعل الأوضاع على نحو أكثر دراماتيكية ..؟؟ وهل مثلت هذه الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية آخر محاولة منها ومن حكومتها لترتيب الساحة ومنعها من الانزلاق الى طوفان ميدانى شامل أم أن المهمة فى الأصل تعنى بترتيب الأوضاع لحدوث هذا الطوفان على الطريقة الأمريكية التى تنقذ معها حكومة بوش وترفع الحرج الأمريكى تجاه أكبر خطأ سياسى وعسكرى يرتكبه الأمريكان منذ بروزهم وسيطرتهم على العالم ورسمهم لوحة الأحادية القطبية الجديدة ..؟؟

.. الاجابة على هذا السؤال الهام ترتبط بجملة مؤشرات باتت تؤكد دخول الساحة الأمريكية نفسها الى حقبة جديدة تنبىء بتطورات خطيرة تواجه معها ادارة بوش خيارات صعبة وربما ستكون مفروضة عليها لعل أهمها وصول حالة المواجهة مع الكونغرس بشأن استمرار الدور العسكرى الأمريكى بالعراق الى أقصى درجات الحدة والفعل المصادم وهو ما يعنى امكانية دخول الولايات المتحدة ولأول مرة منذ بروزها على الساحة الدولية ككتلة سياسية واقتصادية وعسكرية موحدة فى معترك دستورى خطير قد يطيح وعلى نحو حاسم ومباشر بالحكومة التنفيذية بحكم التضاغط الشعبى الذى تدعمه مؤسسات المجتمع المدنى باحترافيتها الكبيرة فى توجيه الرأى العام الأمريكى بجانب الارتفاع المذهل فى أعداد المفقودين من قتلى وجرحى القوات الأمريكية واذدياد نسبة الخسائر المادية مع ما تعمد الكونغرس الأمريكى توضيحه وكشفه للمجتمع الأمريكى بوسائل اعلامه الكبرى من كلفة متصاعدة وغير مسبوقة لفاتورة الحرب والتى يقدر أن تصل وفق تقديرات الكونغرس الى ما يزيد عن ألف مليار دولار خلال فترة قصيرة .. هذه الصورة تعنى وبلا شك وصول الادارة الأمريكية بقيادة بوش الى نفق مظلم يصعب الخروج منه وهو ما يعنى أمرين لأ ثالث لهما :
الأول /
الاستمرار فى مواجهة الكونغرس ومناجزته مع محاولة احداث تآكل فى سياساته وتوجهاته وهو ما يعنى القتال حتى النهاية ونظراً لتطورات الميدان العسكرى والسياسى بالمنطقة فان هذا الاتجاه بات محكوماً عليه بالفشل نتيجة لاذدياد نشاط المقاومة العراقية وفشل الخطط الأمنية المنفذة لاضعاف دورها ونشاطها بما أدى الى ارتفاع نسبة الخسائر المادية والبشرية مع ما بات يمثل الآن تهديداً خطيراً لوحدة الوجه الذى تماسكت عليه الحكومة الوطنية العراقية بتوليفتها الأمريكية التى قضت بتمثيل طائفى مرضى جمع المتنفذين الشيعة مع جبهة توافق سنية مقابلة قبلت المشاركة فى حكومة مشتركة برعاية أمريكية .. هذه التوليفة فى طريقها الآن الى الانهيار رغم صيحات بوش العالية فى وجه المالكى بضرورة اتخاذ ما يلزم من اجراءات فورية تعيد التوازن لحكومته من جديد وهو الأمر الذى يبدو شديد الصعوبة على المالكى الذى يواجه هو نفسه أكثر مراحل حكمه حرجاً وخطورة فى ظل تعقيد أكثر يصيب العملية السياسية العراقية وهو ذات التقدير الذى خرج به روبرت غيتس باعترافه أخيراً بسوء التقدير الكبير الذى لازم السياسة الأمريكية فى نظرتها للحالة السياسية العراقية ..
الثانى /
.. اتخاذ قرار مفاجىء يقضى بانسحاب ربما كان مفاجئاً من العراق فى ظل عجز ادارة بوش على الدفع بتبريرات أكثر اقناعاً مما أفلح فى صياغته الآن الكونغرس والقوى المدنية التى ما دأبت منددة باستمرار الوجود العسكرى الأمريكى بالعراق .. مثل هذا القرار سيكون أقسى ما يمكن أن يمرره بوش وحكومته وهو ما قد يدفع للأذهان الحالة التى أصبحت عليها الحكومة الأمريكية عشية انسحاب قواتها من فيتنام وبربط هذا الخيار بزيارة كونداليزا رايس الأسبوع الماضى للمنطقة فان التكهنات قائمة باحتمال أن تكون هذه الزيارة قد هدفت بالفعل الى تشكيل رؤية تخيلية للمنطقة فى حالة انفاذ مثل هذا القرار الخطير وهى الرؤية التى يطل فيها الوضع العراقى على نحو مخيف سواءً كان لواشنطن أو لحلفائها بالمنطقة العربية فى ظل الواقع الذى يحكى عن النفوذ الايرانى المتمدد بالمنطقة بأسرها .. هذا الخيار يحتاج من حكومة بوش بعث رسائل تطمين لهؤلاء الحلفاء مع محاولة اشراكهم فى الحوار حول الخطط البديلة .. فهل هدفت زيارة رايس الأخيرة هذه الى بحث هذا الخيار تحديداً ..؟؟
.. وهذا السؤال الأخير يمثل السؤال الأكثر خطورة عند محاولة الكشف عن الأسباب الحقيقية لزيارة رايس للمنطقة .. فهل بالفعل بدأت ادارة بوش الآن فى محاولة استكشاف ورسم الخارطة المستقبلية للمنطقة فى أعقاب انسحاب عاجل من العراق ..؟؟ اذا كان الأمر كذلك فما هى الخطط الأمريكية البديلة لمعالجة الخارطة السياسية والأمنية بالمنطقة ..؟؟ هذا السؤال ربما تكشف عن اجابته بعض ما قامت به رايس خلال زيارتها هذه وهو ما يمكن صياغته هنا على اعتباره سيناريو المرحلة المقبلة فى حالة انفاذ قرار الانسحاب من العراق :
(-) .. المحافظة على مساحة التعاطى العربى مع التوجهات الأمريكية وهو ما يعنى زيادة الحرص على تشكيل رؤية أمريكية – عربية مشتركة تجاه المهددات المشتركة التى يمثلها الدور الايرانى المذعج بالمنطقة سواءً فى العراق أو فلسطين أو لبنان وهو ما يعنى الدخول فى خيارات صعبة وخطيرة فهذه الرؤية المشتركة تعنى مواجهة الخطر المشترك لواشنطن ودول المحور العربى الصديقة وهذه المواجهة لأ تعنى بالطبع مواجهة سياسية فحسب بل تعنى مواجهة عسكرية حاسمة وهذا يعنى الحرب ..
(-) انفاذ خطة حاسمة وعاجلة لتنظيف المنطقة من الجيوب الايرانية وهذا يعنى الدخول على المسار الفلسطينى بفعل حقيقى ذو تأثير فاعل وهو ما قامت به الادارة الأمريكية بالفعل خلال زيارة رايس باعلانها منح محمود عباس وحكومة سلام فياض مبلغ وصل الى 80 مليون دولار فقط لمساعدات وصفت بأنها أمنية وهذ الدعم المعلن عنه هكذا ولأول مرة منذ تفجر أزمة فرقاء الأرض المحتلة يعنى شيئاً واحداً .. مواجهة حماس ميدانياً .. هذا قرار أمريكى مباشر أريد له أن يعلن خلال الزيارة ليدشن فيما يبدو للخطة الأمريكية الميدانية المباشرة للقضاء على الجيوب الايرانية بالمنطقة وهو أمر شديد الخطورة على الواقع الفلسطينى بقدر ما سيكون خطيراً على الواقع اللبنانى وبطبيعة الحال الواقع العراقى ومن ثم الواقع الاقليمى برمته فى وجود الحلف الاستراتيجى الدائم بين طهران ودمشق مع تباين الرؤى بين دول المنطقة العربية التى رفض بعضها الدخول ضمن ما تسميه ادارة بوش بأصدقاء الولايات المتحدة فيما رفض بعضها الآخر سياسات واشنطن بالعراق وكذا التأثيرات الأمريكية المباشرة وغير الايجابية على القضية الفلسطينية بخلافات عناصرها الوطنية ..

.. والآن وبمغادرة رايس تبدو المنطقة حبلى بما تفرزه هذه الزيارة التى تجىء فى أكثر المواقف حرجاً للادارة الأمريكية وأكثر الأوقات دقة فى تاريخ المنطقة العربية .. فهل سيبدأ بالفعل رفع الستار على فصل أمريكى جديد بالمنطقة يدفعها الى حرب جديدة أم سيندفع للملعب آخرون يمنعون الكابوى الأمريكى من ادخال المنطقة فى مغامرة جديدة غير محسوبة النتائج والأبعاد ..؟؟!!

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

ان على العراقيين ان يتحدو على موقف موحد وواحد مفاده خدمة مصلحة العراق والمطالبة باستبدال قوات الاحتلال الانجلو امريكي بقوات تضمن امن العراق وسيادته واستقلاله ووحدته بعيدا عن الاملاءات والتبعية والهيمنة الاجنبية والقتن الطائفية ....

الصحفي زياد الغويري الاردن عمان

غير معرف يقول...

والله لو اجتمعوا بالقمر ما تنحل -لان قلوبهم مليئه بالحقد

sami بغداد

غير معرف يقول...

بدأ العراقيين يفهمون أن العنف لا يخدم أحدآ و صحوة الأنبار هي مثال على هذا الأدراك . كما أن التخوف من قيام دولة دينية لم يعد كبيرأ بسبب كون الشعب العراقي بطبيعته غير ميال الى التدين الشديد بل هو أقرب الى العلمانية . ولذا فأن احتمالات المصالحة أقرب من أي وقت مضى .

سعد يوسف ابو ظبي

غير معرف يقول...

كلي أمل انهم قد تلقوا الدروس الكافية من تجربة ايرلندا الشمالية وجنوب افريقيا ، هذا عن موضوع العراق ياسيد لقمان ولكن سؤالي المهم والمهم جدا هو ماذا تقول في عرض إسرائيل في منح جنسيتها لمواطني دارفور ؟!!

ظافر الدنمارك

Khalid Hassan Logman يقول...

الأخ ظافر - الدنمارك
تحية طيبة
أهلنا من أبناء دارفور تواجههم وككل السودانيين قضية شائكة ربما أوقعت بعض منهم وبالرغم منهم فى مواقف صعبة وقاسية ولكن نحن لأ نشك أبداً فى وطنية هؤلاء .. هنالك من يكيد لهم ويستغل الظروف التى يواجهونها وبالطبع يأتى العرض الاسرائيلى الذى أشرت اليه ضمن هذه الصور الاستغلالية لأبناء السودان .. نحن على ثقة من عودة الأمور قريباً الى وضعها الطبيعى .. شكراً لاهتمامك ,اتمنى التواصل معك