الخميس، 23 يونيو 2022

السودان .. من يوقف هذا الدافوري ..؟؟!!

 د. خالد حسن لقمان

يكتب :

السودان .. من يوقف هذا الدافوري .. ؟؟!!

.. بالامس كنت اتحدث مع أحد الاصدقاء الاعلاميين العائدين للبلاد بعد فترة قضاها بالخارج و قلت له .. آهه .. مع الدافوري ده بقيت شايت علي وين ..؟؟!! .. وبالطبع سؤالي هذا خطأً لمن يعرف الدافوري .. أيام المدارس وخاصة في الفصول الاولي في الثانوية التي كانت تمثل فترة هدنة بين امتحانات المرحلة المتوسطة والشهادة السودانية كنا نلعب الدافوري وهو بإختصار أن يقذف أحدهم بكرة القدم في الميدان ثم نبدأ بالتدافع تجاهها .. كلاً يسابق الآخر وكلا يدفع الآخرين و ( يشلتهم ) و يقفز فوق رؤوسهم وعندما يحوز علي الكرة يقوم فوراً بأحد خيارين .. اما ان ( يشوت ) الكرة مباشرة لتضرب من تضرب و تركل من تركل و ( تعوق ) من ( تعوق ) في اي مكان في جسده و اما ان يحاول مراوغة واحد أو اثنين من المتزاحمين حوله وخلفه و عن ايمانه و شماله و فوق دماغه وذلك حسب بنيته الجسمانية و  ( حرفنته ) فيبدأ في تجاوز الأول الذي أمامه واذا أفلح تجاوز الثاني و قليلين من كانوا يتجاوزون الثالث حيث سيتم عندذاك ( ردمه ) و ردم ( أبو أهلو ) بالأقدام والأحذية  و خاصة ب ( الشدة ) و ( الكبك ) وما ادراك ما ( الكبك  ) .. حاجة كدة زي رأس العربية الهيلمان الانجليزية اذا وصلك  منه ( شلوووت ) فأنت في خبر كان .. والدافوري في أصله يعبر عن الفوضي في قمة عنفوانها تماماً كما هو حالنا الآن في هذا البلد حيث اختلط الحابل بالنابل و كما في الدافوري الذي تختفي فيه اللعبة الحلوة و الارجل الماهرة الممتعة و يحل محلها ناس ( الشلوت) و ( الدفر ) و ( القلع ) تبدو الساحة السياسية السودانية .. تماماً في حالة الدافوري هذه  .. فلا عقل ولا منطق ولا ( حرفنة ) و لا ( امتاع ) و لا أي لعبة حلوة .. تعرفون كيف كانت تنتهي ( حصة الدافوري )  العشوائي هذا .. كنا فجأة نشعر بهروب من حولنا الي فصولهم جرياً وهرباً و ما هي الا لحظات حتي يتم فض الدافوري بالقوة المفرطة من قبل الصولات ( جمع صول ) .. وعلي ( برندة مكتبه ) تدور اعين الناظر علي محجريها  من وراء نظارته السميكة العدسات محاولاً رصد هؤلاء المتقاتلين المتفلتين ولكن هيهات فالجميع يفر فرار السليم من الجزام .. وتعود الحالة كما كانت سيطرة تامة لمكتب الناظر واعوانه و قواته العسكرية المكونة من ( الصولين الطويل والقصير ) ..

    .. هذا هو المشهد السياسي الآن في السودان .. الدافوري الذي ينتهي بلحظة ( الهروب )  و ( الجري ) الي الفصول ثم العودة الي الدافوري في حصة الفسحة ال( التانية ) وهكذا .. فقط المواطن السوداني هو  من أصبح يعاني و يعاني ويعاني في كل شئ .. في حياته ومعيشته و تعليم ابنائه وعلاجه و صحته وحتي أمنه .. ويبدو أن هذه المعاناة ستستمر طالما استمر هذا الدافوري  الي لحظة ما فاصلة ..

.. ولكن متي تحين هذه اللحظة ..؟ .. 

.. ومن سيوقف هذا الدافوري ليفرض قواعد جديدة للعب  تنقل هذا البلد الي قدر جديد من ممارسة الحكم و بالتالي الاستقرار السياسي و الاقتصادي الذي يقود بدوره الي  الأمن و السلم الاجتماعي ..؟؟!!

ليست هناك تعليقات: