# هجليج .. حرب الاعلام .. !!
.. كانت لحظات قاتلة ومتوترة ومتحفزة تلك
التى عايشها الشعب السودانى مترقباً بيان اعلان تحرير مدينة هجليج .. اليوم كان يوم
الجمعة والناس على عجل من أمرهم زاحموا بعضهم فى زحفهم على المساجد ليتقدموا
الصفوف علهم يكونون أقرب من غيرهم لسماع شىء ما من امام الجمعة أو أى شخص آخر
يمكنه الهتاف بشىء .. ولكن الوقت مضى والترقب يكاد يحرق النفوس ويخترق الصدور ولا
شىء سوى ترقبوا بياناً من القوات المسلحة .. !! .. وبقى الحال الى ما هو عليه
لمساحة زمنية آخرى تقارب الساعة بدت
للجميع وكأنها قرن الى أن بدت أبواق السيارات تعلن النبأ والمساجد تخرج جموعها
المكبرة من ساحاتها المكتظة فى ذلك اليوم على آخرها بجموع المصلين .. بدا الموقف
حينها شبيهاً بيوم انتصار كروى للفريق القومى للكرة أو لأحد أندية القمة عندما تعج
الطرقات بالأنصار الراجلين والراكبين للسيارات الهادرة بأبواقها المبتهجة بالفوز
.. جاء النصر وخرج الناس للشوارع فرحين بعد أن خرجت أرواحهم فى انتظار بيان القوات
المسلحة .. !! ..
.. ما الذى حدث لماذا تأخر فى ذلك اليوم بيان القوات المسلحة حارقاً لأعصاب
الناس ومتيحاً الفرصة لحكومة الجنوب لاقتناص السانحة معلنة سحب قواتها من هجايج
وكما جاء فى تصريحات الرئيس سيلفاكير ( استجابة للنداءات والضغوط الدولية على
بلاده .. ) .. !! .. صحيح أن لآ أحد البتة بالداخل صدق الرواية الجنوبية لآن كل
الشعب السودانى كان متابعاً وعن قرب لاستعدادات الجيش السودانى للمعركة منذ اعلان
الجيش الجنوبى لاحتلالها قبل عشرة أيام وعدد كبير من قطاعات الشعب السودانى
ولتلهفهم على الأمر ( خاضوا وعبر متابعتهم اللصيقة لتطورات الأمر ) .. خاضوا ومن
الخرطوم تحرير هجليج معركة معركة مع القوات المسلحة وكتائب المجاهدين .. كانوا
متابعين عبر المصادر العسكرية وعبر زويهم وأبنائهم الجنود والمجاهدين تطورات
الموقف أولاً بأول وكلما جاءهم خبر بتقدم الجيش السودانى كبروا وهللوا ورفعوا
الأكف بالمزيد من الدعاء لينصر جيشهم وأبناءهم .. لأ أحد بالداخل صدق سيلفاكير يل
على العكس وجدت تصريحات الرجل الصبيانية استهجاناً وسخرية حنى من اليافعين الذين
تابعوا المعركة بالتصاق يدعو بحق للدهشة والدهشة البالغة وقدعقدت هذه الدهشة لسانى
عندما باغتنى ابن شقيقتى صلحب التسع سنوات بسؤاله ( .. صحى حيدخل الجيش هجليج
الليلة .. ؟؟ .. ) .. كان السؤال فى صبيحة الجمعة نفسها وفد بدا لى وكأنه صادر من
شخص آخر وليس من هذ الصغير المدهش هو الآخر بنظراته الذكية .. اذاً لأ أحد انطلت عليه حيلة سيلفاكير المحاولة
لانكار هزيمة جيشه وموت أكثر من ألفى منه كما جاء فى بعض المصادر الاعلامية ..
ولكن وبالمقابل أحدثت هذه التصريحات الخبيثة من جانب رئيس دولة الجنوب الكثير على
مستوى الاعلام بالخارج حيث أعلنت احدى أكبر واهم الوكالات الدولية ( رويتر ) النبأ
مؤسساً وبالكامل على تصريحات سيلفاكير التى تحدث فيها عن اعطائه أوامر لجنوده
بالانسحاب خلال ثلاثة أيام ( الغريب أن الرجل هنا أصر على ربط الانسحلب نفسه
بثلاثة أيام مرسلاً رسالة معنوية خطيرة لكلا الطرفين يالشمال والجنوب معاً ورسالة
الشمال تقول للشعب الشمالى أن لا انتصار قد حققه جيش عمر البشير بل تم الأمر بانسحاب
بل وانسحاب منظم ومتمهل خلال 72 ساعة كاملة تسحب فيها الآليات العسكرية بكامل
عتادها وكذا تسحب فيها القوة الجنوبية بكامل تشكيلاتها وهو ما يضعف من ناحية ما
تحقق ويتركه جثة هامدة فى يد من حققوه كما ويترك أثراً تدميرياً خطيراً على الروح
المقاتلة فى الصفوف غير الملتحمة فى المعركة بما يخرجها من حالة المشاركة فى
انتصار جيشهم واخوانهم الى حالة الشك والريبة حتى ولو للحظات كافية تماماً لاطفاء
الاندفاع الشعورى الأول بالنصر وكسر الأعداء
ورسالة سيلفاكير من ذلك للجنوب تكون قد حققت ولشىء من أهدافها بشأن منع
التفهفر المعنوى للجيش الجنوبى ومحاولة السيطرة على صدمة المعركة والهزيمة الكبيرة
التى وبقياس عدد الضحايا من جانب الجيش الجنوبى لم تحدث حتى فى بعض المعارك التى
سجلها التاريخ خلال الحروب البشرية الكبيرة ) .. ورويتر لم تقدم الخبر على هذا
النحو وحدها بل شاركتها قناة الجزيرة التى تبعتها قنوات عربية أخرى ولكن الأخيرة (
قناة الجزيرة ) قدمت خبر اعلان الجيش السودانى دخوله وسيطرته على هجليج على
تصريحات سيلفاكير بالانسحاب فخرج الخبر على النحو التالى : ( .. أصدر الجيش
السودانى بياناً تلاه وزير الدفاع السودانى عبد الرحيم محمد حسين أكد من خلاله دخوله مدينة هجليج النفطية
وسيطرته التامة عليها فى وقت أعلن فيه رئيس دولة الجنوب سيلفاكيير ميارديت عن
اصداره أوامر فورية للجيش الجنوبى للانسحاب من المدينة خلال ثلاثة أيام .. ) .. هكذا جاء خبر قناة الجزيرة الذى كررته
عبر نشراتها لأكثر من عشر مرات أو يزيد خلال يوم الجمعة .. وهو شىء أشعرنى بالكثير من الاستغراب مما دعانى أتصل
على مصدر مقرب من مكتب القناة فى الخرطوم متحفظاً على صياغة الخبر فباغتنى هذا
الأخ بقوله : أنهم فى قناة الجزيرة ظلوا فى حالة اصرار كبير على معرفة فحوى البيان
المرتقب للجيش السودانى والذى أعلن عنه فى وسائل الاعلام السودانية الا أن
المسئولين السودانيين رفضوا تقديم أية افادة نذكر وظل البيان يتكرر موجهاً الشعب
السودانى لترقب بيان هام لم تتم اذاعته الا بعد أن أفلح الرئيس سيلفاكيير فى اذاعة
بيانه بالانسحاب فوضع قناة الجزيرة وغيرها أمام أمر واقع لا مناص منه تحتمه
الموجهات والمعايير المهنية للقناة .. كان هذا هو رد مصدرى بقناة الجزيرة وبالرغم
من أن هنالك ما يمكن أن يرد به على هذا المنطق خاصة من زاوية قدرات القناة
وامكانياتها فى استجلاء الخبر والبحث عن الحقيقة الميدانية عبر كافة الوسائل بما
فيها الاستعانة بالمصادر الخاصة بالقناة داخل الوكالات والقنوات الدولية الناشطة على الميدان بالفعل ومنذ فترة غير
قليلة من بدء معركة الجمعة بهجليج بما يمكنها من تقديم المعلومة الصحيحة بالاضافة
لامكانية التماسها لأدلة أخرى كصور الأقمار الاصطناعية التى باتت اليوم راصدة بدقة
للتحركات العسكرية حتى فى أحراش الباكستان وافغانستان .. الا أننى هنا لأ أجد نفسى
ميالاً للخوض فى الأداء الاعلامى للآخرين سواءً كانوا يحملون أجندة ويخططون
لمؤامرات ضد السودان أو لأ .. ولكنى هنا أريد أن أضع أداءنا الاعلامى خلال معركة
هجليج أمام أعيننا لنتبصر معاً ما حدث اذا ما كان قصوراً عبرت عنه أخطاء مهنية
اعلامية بحتة من أهل الاعلام أو كان سوء فهم أو تقدير من جهات أخرى لدور الاعلام
وأهميته القصوى بل والأساسية فى حسم المعارك العسكرية بنتائجها وتداعياتها وليتحقق
لى ذلك سأضع هنا أمام الجميع الأسئلة الآتية ولأ أدرى من سيتصدى للاجابة عليها الا
أننى سأفعل ذلك آملاً أن لا بمر الأمر هكذا مرور الكرام فما ينتظر هذا البلد فى ظل
التربص الاجرامى بها أكبر فى ظنى مما حدث أخيراً فى هجليج وهاكم أيها السادة
أسئلتى :
أولاً : من المسئول عن تأخر اعلان الجيش
لبيان استعادته لهجليج ..
ثانياً : لماذا تأخرت صور المعركة حتى بعد أن
خرجت رسالة سيلفاكير المضللة للاعلام الدولى .. انتظر الناس بحرقة رؤية صور
المعركة وملامح مدينة هجليج ومبانيها ومنشآتها ليكذبوا سيلفاكيير وهم يعلمون أنه
كاذب ولكنهم هنا كابراهيم عليه السلام أرادوا لقلوبهم أن تطمئن الا أن أحداً لم
يعبأ بهم الا عندما تمادى سيلفاكيير متحدياً دولة الشمال ببث صور المعركة هنا فقط
بدأت الصور تتوالى على الفضائيات السودانية .. آآآآآه يا بلد .. ما أعجبك وما أصبرك على هؤلاء .. كيف
يمكن أن نتخيل منطق من رقض أو تباطأ فى نشر صور المعركة وبثها ورئيس دولة الجنوب
يستهزاء ويعبث بمشاعر ما يقارب الأربعين مليون سودانى خرجوا عن بكرة أبيهم لمناصرة
جبشهم وقائدهم الرئيس عمر البشير هكذا دون دعوة من أحد ودون انتماءات حزبية أو
مذهبية أو اثنية .. ما أروع هذ الشعب عندما تجده يهتف على الطرقات لهذا الوطن
العظيم .. وما أتعسه عندما يواجه مثل هؤلاء الذين حرقوا أعصابه وأتلفوها ..
ثالثاً : هل جلست أى جهة حتى هذه اللحظة
سياسية كانت أو عسكرية أو مهنية اعلامية -
لتقيم الأداء الاعلامى للمعركة أم أن الأمر مر مرورالكرام أيها السادة الكرام ..
؟؟ ..
.. أخبراً أقول لكم سادتى الأعزاء أننا حررنا هجليج بالفعل عبر معركة بطولية
تاريخية قل أن شهدها التاريخ خلال السنوات المعاصرة الا أننا يجب أن نكون بشجاعة
تماثل شجاعة اقتحام جنودنا لجيوش الأعداء ودحرهم
لنتمكن من الوقوف على أداءنا
الاعلامى خلال المعركة وأسباب ارتباكه وتأخره على نحو مخل ومعيب .. واننى على قناعة الآن بأن السيد سيلفاكيير
لم يأت بفكرة افتراء الانسحاب هذه من ( رأسه ) بل جاء بها من ( كراسه ) الذى كتب
له فيه أحد الخبراء الآجانب المرافقين له كظله وفور انجلاء المعركة عن هزيمة نكراء
عبارة من ثلاث كلمات : ( أعلن الانسحاب الآن )
.. وكعادته فقد فعل الرجل ما أمر به تماماً فكان ما فعله عبارة عن ( كلمة
قيلت ) كما قال العرب والكلمة عندما تقال فهى تماماً كالرصاصة لأ عودة لها
لمستقرها القديم ..
آخر الكلام :
يقال أن هارون الرشيد كانت له علاقة ود خاصة
بأحد وزرائه وقد قربه اليه لعلمه ولطفه وحصافته وقد بلغ قربه من هارون للحد الذى
جعله يسعد بمشاركته طعامه على نحو متكرر .. وقد أغضب الأمر الوزراء الآخرون كما
أغضب اخوة يوسف قكادوا للرجل وأوصلوا بطريق ما لهارون حديثاً يقول بأن بالرجل (
الوزير ) برص فى جزء حساس من جسده مما يضره فى أحايين لحكه بشدة حتى يدمى جسده ..
فتأفف هارون الرشيد الا أن الوزير أفلح فى اثبات كيد أعدائه وأنه معافى ولا شىء
مما قيل فيه صحيح فأمر هارون بأصحاب المكيدة وجردوا من مناصبهم بل وسجن بعضهم الا
أنه وخلال أول مجلس يجمعه بوزيره المحبوب المفترى عليه قال له هارون : والله لقد
علمت الآن أنك قد ظلمت ظلماً بيناً ولأ صحة البتة لما قيل فيك وستجالسنى كما كنا
نتجالس الا أنك لن تواكلنى ( بمعنى أنك لن تأكل معى بعد الآن ) وأردف بقوله .. يا
هذا انها كلمة قيلت ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق