الثلاثاء، 20 مارس 2012

# الحريات الأربعة .. ان فى الأمر عجب .. !!



.. لعل أكثر ما بات يثير الناس فى هذا البلد ويغيظهم حتى أن البعض يكاد حيناً أن يعض على شفتيه حتى يدميهما غضباً وحنقاً .. أن من بيدهم مقاليد الأمور باتوا لأ يعيرون شعبهم ورعيتهم أى اهتمام عند التعاطى مع الأمور ذات التأثير المباشر والخطير على الحياة العامة بل أن الكثير من القضايا ذات الأثر المصيرى على حاضر الناس ومستقبلهم بات يصنعها نفر قليل لأ يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة وهذا الوصف يبدو على شكله هذا هرمياً على نحو مدهش وعلى مستويات كأنها وضعت بدراسة وفلسفة كلية لادارة الحكم وحياة العباد فعلى المستوى الأعلى من مستويات اتخاذ القرار يكاد يجزم الجميع بأن الآمر الناهى لكل تصاريف الأمور بقراراتها وأوامرها باتت تصدر من مجموعة قليلة مغلقة يسميها الناس بأسمائها ومن بين هؤلاء من هم أقرب للنفاذ والقوة من الآخرين بحيث تجد ثلاثة منهم هم الأكثر نفوذاً وقوة وهنا تضيق الدائرة أكثر ثم أنك قد تجد من بين هؤلاء الثلاثة اثنان فقط هما صاحبا الأمر والنهى على المستوى الأكثر علواً ونفاذاً بينما يتأرجح تأثير الثلاثة الآخرين وفق الحالة ودرجة الارتباط المزاجى حيناً والموضوع الراهن حيناً آخر ..
.. وتتدرج الصورة من بعد الى المستويات الأدنى فتجد على الوزارات الاتحادية ذات النسق .. الأمور بيد الوزير وثلاثة الى أربعة من مساعديه هم الألصق به والأكثر ثقة لديه يشاورهم ويأخذ برأيهم من خلال جلسات بعضها قد يكون رسميأً والأخر سرياً كما قد يتم الأمر من خلال جلسات التوادد والمؤانسة الخاصة أثناء تناول الافطار أو خلال جلسات التسامر الأسرية الخاصة والأمر يمضى بصورته هذه ليصل حتى مستوى المؤسسات الحكومية الأخرى فتجد مدراء ورؤساء هذه المصالح الحكومية قد أخذوا بذات هذه الفلسفة فى ادارة مؤسساتهم فهدموا أهم مبادىء الادارة فى تبادل الرأى والأخذ بمبدأ الحوار المهنى للوصول للنتائج والقرارات الصائبة وهذا الهدم لمبدأ الشورى والنظام المهنى جاء نتيجة لعدة أسباب لعل أهمها على الاطلاق رغبة القيادات على أى مستوى من هذه المستويات من أعلاها الى أدناها فى الاعتماد على من هم أكثر استعداداً للاتفاق مع المزاج المطلوب والمزاج المطلوب هو الذى تشكل روحه ولحمته من الأعلى الى الأسفل بمعنى أن المستوى الأول الذى ذكرناه هنا والذى يمثل قمة الهرم للدولة ونظام الحكم يشكل ما يريد ويبلوره فى أفكار يحرص كل الحرص على انزالها لمن هو أسفل منه سواءً كان على رأس وزارة أو أى جهاز قيادى هام ومن ثم يهضم هذا القيادى المزاج الأعلى هضماً تاماً ويحرص على ذلك بسرعة ودقة حنى لا يتهم بأنه ( وهو الوزير أو القيادى الكبير ) بأنه خارج الفهم العام أو بالأصح ( خارج الشبكة ) والأمر بالطبع يمضى ليستقبل من ثم رؤساء المصالح والمؤسسات الحكومية ذات المزاج ليعملوا من خلاله بذات الحرص والسرعة حفاظاً على مقاعدهم ومناصبهم حتى لأ يتهموا هم الآخرين بأنهم ( خارج الشبكة ) .. هذه الصورة الغريبة فى ادارة أمور الناس خاصة على المستوى الأعلى أدت الى احتقان الحالة الشعبية كلما حانت لحظة مصيرية يشعر الناس بأهميتها وخطورتها على حياتهم وحاضرهم ومستقبلهم تماماً كما حدث خلال الأيام الفائتة عندما أعلن الجانب الحكومى وعبر خمسة من مفاوضيه القبول بمبدأ الحريات الأربعة لمواطنى دولة جنوب السودان الجديدة فى وقت تهيأ فيه الجميع لاستقبال حالة اجتماعية وسياسية لأ وجود فيها ولا حساب أو تحسب لوجود مواطنى الدولة المنفصلة عن دولتهم ومجتمهم وهو احساس شعبى ساهمت الحكومة نفسها فى تشكيله وشحنه واحتشاده فى أفئدة الناس وعقولهم من خلال اجراءاتها التى بدأتها بالفعل تجاه اقرار هذا الوضع الجديد الذى ساعدت على تشكيله الحالة المزمنة من الاحتقان بين قيادات الشمال والجنوب الى الحد الذى وصل لدرجة انعدام الثقة بالكامل حتى بين المواطنين أنفسهم فأصبح الشمالى لأ يحتمل الجنوبى بمثل ما أصبح الجنوبى لأ يحتمل الشمالى لتزداد الحالة سوءً مع اقتراب موعد التاسع من أبريل الذى بمقتضاه فهم الجميع بأن الخرطوم وسائر مدن الشمال ستخلو تماماً من أى مواطن جنوبى .. وان كان هذا الفهم صحيحاً أو غير صحيح من الناحية الاجرائية لحدوثه فان الجميع قد فهموه على هذا النحو ولم يكلف أى أحد من غرفة التفاوض الشمالية نفسه لتصحيح فهم الناس ان كان خطأ حتى جاء أحد هؤلاء ( العباقرة الخمسة ) أو ( المغامرون الخمسة .. تختخ وأخوانه وأخواته ) كما أسماهم البعض وعندما انفجر الوضع الشعبى المستنكر لنية الحكومة للتوقيع على اتفاق الحريات الأربعة جاء هذا الرجل وعبر التلفزيون القومى مساء السبت الماضى ليبتسم فى وجه الناس قائلاً لهم بأنهم قد فهموا تاريخ التاسع من أبريل فهماً خاطئاً بحيث لن يرحل الشمال أحداً وقد يقبل الجميع كلاجئيين بمثل ما قبل السودان ويقبل كل يوم أعداداً كبيرة من لاجىء دول الجوار .. !!! .. الرجل قالها بانفة وثقة مفرطة وبارتياح نفسى كبير وكأنه يستلذ بغباء الناس الذين كما قال فهموا خطأ .. يا راااجل كن حصيفأً فقد تم اختيلرك ضمن وفد يقترض فى أعضائه الحصافة والذكاء والقدرة على التعبير وفق الحاجة بكلمات محكمات راشدات وليس بكلمات الاستهانة والتنقبص من فهم الناس ونضج عقولهم .. ولنفترض يا سيادة الدكتور الألمعى بأنك وصحبك ( الميامين الخمسة ) قد شعرتم معاً بالفهم غير الصحيح للمواطنين لأى بند من بنود اتفاقية نيفاشا وما تبعها من قرارات ومواقف حكومية أثناء التفاوض لماذا لم تسارع أنت أو أى أحد من صحبك هؤلاء للتوضيح وازالة الفهم الخاطىء عند من فهم خطأ .. ؟؟ .. ولكى نتابع معك وصحبك ( الخمسة الأبرار ) هذا الحشد من التساؤل نقدم لك و لبقية المغامرون الخمسة ثلاثة أسئلة واستفهامات .. لتجيبوننا عليها :
أولاً / هل كان القطع بترحيل مواطنى الجنوب الذى أعلنته الحكومة بتصريحات غليظة مغلظة عبر مسئوليها الرسميين قراراً مؤسساً وفق ترتيب استراتيجى لواقع الدولة الشمالية عقب انفصال الجنوب بما يستوعب - وكما رشحت النوافذ الرسمية للحكومة – هموم اعادة بناء الهوية لشعب الشمال بما يحافظ على توجهاته وقيمه مع ترسيخ حالة أمنية مستقرة بعيداً عن التوجسات المرتبطة بالجنوب وتشكيلاته المتخفية التى تم وصفها أكثر من مرة من قبل منسوبى الحكومة الرسميين بالمتآمرة والعميلة أم أن ذلك كان تصريحاً سياسياً تفاوضياً دفع به باعتباره تلويحاً لكسب نقاط مستقبلية مع تقدم مرحلة التفاوض حول النفط والحدود والجنسية وبقية النقاط الخلافية مع الحركة الشعبية ..؟؟ .. احذر هذا السؤال ستعنى اجابته احد أمرين فاما أنكم يا دكتور أنت وصحبك البررة قد تجاهاتم الشعور الشعبى الذى حشدتموه أنتم أنفسكم بكل معانى التوجس من البقاء الجنوبى بالشمال على نحو جعلتم معه الأمر بخطورته مجرد موقف نفاوضى للاستفادة منه لصالح نقاط أخرى ترون وبعبقريتكم الفذة أنها بأهميتها تتجاوز أهمية استصحاب الشعور الوطنى والحالة النفسية لمواطنى الشمال فأعتبرتموهم وكأنهم قطعان من الماشية لأ عقول لها ولأ شعور ما أن تأمروها لتتجه شمالاً اتجهت وما أن توجهونها جنوباً اتجهت .. !! .. واما أنكم سيدى المبجل قد فشلتم فى ( ملاواة ) الجانب الجنوبى بشأن النفط والحدود وجنوب كردفان فنجح السيد / باقان وزملاءه فى شراء الاتفاق الجديد بنفط الجنوب مع هدهدة متمردى جنوب كردفان و( موارة ) حركات دارفور قايلاً وراء الستار ..
ثانياً / .. خلال منافحتك أنت وعضوء آخر من ( المغامرين الخمسة ) حاولتما أن تقنعاننا بأن الاتفاق الاطارى الذى تم بشأن الحريات الأربعة هذا قد نبع من قناعة لديكم شكلها فهم ( عقدى ) و ( وطنى ) .. وطنى اعتباراً لأهمية بناء علاقة جيدة من الجوار مع الدولة الجنوبية الوليدة باعتبارها بوابتنا على افريقيا وكذا اعتباراً للأسباب الأمنية على الحدود مع استصحاب الشراكة المائية .. و عقدى من وجهة أننا مسلمين ويجب علينا التأسى برسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والذى وضع بحكمته ووحى الله عزوجل دستور المدينة الذى لم يفرق بين الملل والاثنيات حتى أن اليهود تم استيعابهم فيه وحفظت لهم حقوقهم بالرغم من تآمرهم على الدين وعلى رسولنا الكريم نفسه .. حديث جميل ولكن أين كان هذا الفهم عندما تعمدتم أنتم أنفسكم قتل كل شعور يصل الناس بهذا الفهم بل وفشلتم فى استيعاب هذه الدولة الوليدة وان كان البعض قد وجد لكم العذر فى ذلك باعتبار أن من يقبضون على مقاليد الأمر بدولة الجنوب الآن لديهم أجندة أجنبية وأنهم ألعوبة فى يد اليهود والأمريكان بدليل زيارة الشكر التى قدمها سيلفاكيير ووفده المرافق للقادة الأمريكان بواشنطن و اليهود بتل آبيب قائلين لهم بأنه لولا مساندتهم لمناضلى الجنوب سياسياً وعسكرياً لما كانت الآن هنالك دولة للجنوبيين .. !! .. ان وجد لكم البعض العذر فى ذلك الفشل وقبل به من باب الأمر الواقع فماذا حدث الآن .. ؟؟ .. هل أفلحتم هكذا فجأة فى تغيير واقع الارتباط الجنوبى بمؤامرات اليهود والأمريكان والذى بنيتم موقفكم التفاوضى الحكومى على واقعه الذى أقررتموه وسارت على هديه سياستكم التفاوضية.. أم هل هبطت عليكم عصا موسى وريح سليمان وجنوده فخسفتم بالمتآمرين على البلاد أسفل سافلين أم هل دفعتم بالتى هى أحسن فأصبح باقان أموم ولى حميم ..
ثالثاً / .. سؤالنا الثالث هنا يقول .. هل سيوقع الرئيس البشير بجوبا مطلع الشهر القادم مع الرئيس / سيلفاكيرعلى الاتفاق فى شكله النهائى وعلى ماذا سيرتهن التوقيع .. ذكرتم أنه سيرتبط بموقف الحركة من حسم مسألة الحدود وتأمين النقاط الأمنية التى من بينها طرد المجموعات المسلحة بجنوب كردفان والتعهد بعدم دعم المجموعات الدارفورية المتحدة .. بالله عليك سيدى الكريم هل ستفلح أنت ومن معك فى حسم أمر كهذا فقط فى تسعة أيام .. ؟؟ .. هل سيغير سيلفاكير موقفه من حفرة المحاس ومناطق البترول الحدودية التى قال قبل يومين فقط بأنه لن يقبل حدوداً بدونها أبداً .. ؟؟؟ .. وهل سترمى الحركة بمناصريها جميعاً فى عرض لبحر .. هكذا كما ترمى النفايات البشرية .. ومن أجل ماذا .. ؟؟ .. من أجل هذه الحريات الأربعة ..؟؟ .. اذاً لماذا وهى المرتبطة كما أعلنتم باليهود الطامعين والأمريكان المتريصين بدولة السودان للحد الذى يبذلون معه كل ما لديهم لاجهاض مؤتمر استانبول الذى يهدف لدعم السودان فقط اقتصادياً ليأخذ نفسه المتقطع الآن .. ؟؟ .. كيف نفهم هذا يا ( تختخ ) .. ؟؟ ..

.. أيها السادة .. ان فى الأمر عجب .. !! .. والذى نفس ابن لقمان بيده .. ان فى الأمر عجب .. !!


ليست هناك تعليقات: