الثلاثاء، 10 يناير 2012

المهدى والترابى .. حالة قلق

# المهدى والترابى .. حالة قلق .. !!

.. مالذى يحدث الآن للسيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة وامام الأنصار .. ؟؟ .. لماذا تبدو حركته مرتجفة وأقواله مرتبكة وقراراته متناقضة بعضها على الآخر فيما تبدو حالة سيطرته على كيانه وحزبه على نحو مثير لاشفاق موالى حزبه وأنصار كيانه ومحفز لتشفى خصومه واستهزاء غرمائه السياسيين من قيادات ومنتسبى التنظيمات السياسية الأخرى على الساحة .. ؟؟ .. مالذى يحدث .. هل يعيش الزعيم التاريخى لحزب الأمة أزمة حقيقية فى معالجة أوضاعه على شقيها الحزبى العام والداخلى الخاص ببيت آل المهدى بخصوصياته وبروتوكولاته أم أنه يعانى من ضبابية الرؤية التى تمنعه من استبصار المسرح السياسى وبالتالى قراءة الراهن السودانى الداخلى على الصورة الصائبة والحقيقية الشىء الذى يدفعه للتلويح بحربته فى الفراغ أمامه تماماً كما ودون كيشوت أو كما تبدو حركات وخطوات فاقد البصر عند دفاعه عن نفسه أمام عدو لا يراه فيحسبه حيناً أمامه وحيناً آخر خلفه بمثل ما قد يظنه مرة عن يساره وأخرى عن يمينه وهى وضعية غالباً ما تفقد صاحبها اتزانه وقدرته على البقاء واقفاً على قدميه فيسقط سقوطاً مخيفاً حيث يرتطم جسده بقوة على الأرض فى وضعية لا يتحسب لها ولا يستطيع لانعدام الرؤية لديه تفادبها أو على الأقل لتخفبف خطورتها باتخاذ وضع يسمح بذلك على سرعة السقوط وحتميته .. فهل يبدو الآن الامام الصادق كما ودون كبشوت أو كما وهذا الأعمى يلوح هكذا بكلتا يديه محاولاً الامساك بعدوه الخفى وفى ذات الوقت يجاهد لابقاء نفسه واقفاً على قدميه .. ؟؟ ..

.. جملة من الشواهد تعظم هذا الظن وتجلسه على خطوط العقل والمنطق فما عانى منه السيد الصادق خلال الفترات االسابقة من انقسامات داخلية بحزبه لم يستطع وفى أى مرحلة تالية أن يتجاوزه ويبنى من بعده واقعاً جديداً يوحده وحزبه مع الكيانات المنشقة عنه وما ظل يحدث من تقارب وتبادل للأفكار وتحاور بالأشواق والآمال بينه وهذه القيادات المنشقة لم يسفر مطلقاً عن واقع جديد يعيد لحزب الأمة قوته وتأثيره على الساحة السياسية فيما تسارعت على الرجل الأقدار فأفقده الموت آخر قياداته الحركية والتنظيرية المتميزة حتى بات وحده الآن .. الصادق هو من ينظر وهو من يتحرك بمثل حركته هنا على ارتباكها وضعفها فيما قيع المتبقون من كيانه التنظيمى على أركان فصية مظلمة يرقبون ما يحدث بتململ وتوتر بالغين هذا بينما مضى الغرماء وخاصة المؤتمر الوطنى يدفعون من حالة التشظى والانقسام داخل حزب الأمة عبر تشجيعه لمن يخرج ومؤالفته لمن يقترب من حدود المشاركة الحكومية فكان ان تلقى الحزب سلسلة من الضربات المتوالية التى أقعدت تماماً باالروح التنظيمى المؤسسى الممنهج ومن الطبيعى فى مثل هذه الأوضاع غير المستقرة أن تغيب عن الرجل الرؤية فتختلط الأوراق بين يديه وتتوه الأفكار وتتداخل على بعضها برسمها ولبها .. هنا يصبح المهدى كما ومن يجرى وراء ظله فتارة يدور على نفسه دورة كاملة وتارة يعدو الى الخلف وأخرى يهرول الى الأمام .. تماماً كما والتائه فى البيداء لأ يدرى الى أين يتجه .. وقد شهدت مواقف الرجل خلال السنوات الأخيرة سلسلة من التناقضات المدهشة فهو حيناً يقترب كثيراً من أفق الالتقاء مع الحزب الحاكم حتى يكاد بخطواته أن يعبر بوابة مجلس الوزراء الغربية بين الشارعين الشهيرين بوسط الخرطوم ويكاد يدلف عبر خطوات اضافية الى داخل القصر الجمهورى على شارع النيل ثم ما يلبث أن يعود قافلاً عن طريق شارع الجامعة مسترصداً لهتاف من الماضى التليد .. هتاف يعيده رئيساً للوزراء ولكنه فى المرة الأخيرة وخلال ( حومته ) بين مجلس الوزراء وبوابة القصر يأخذ معه نجله الأكبر ويدفع به الى داخل القصر ويوصيه أن يعبر حديقته ليجد مكتباً بجوار مكتب السيد/ ارئيس الجمهورية عليه أن بلازمه وبجلس عليه وكأنه يستلهم هنا شيئاً من العبارة الشهيرة لغريمه التاريخى ليقول لابنه المستشار : ( اذهب أنت الى القصر مستشاراً وسأذهب أنا الى الدائرة محتارا ) .. والمهدى يمضى بفعل انسداد أفق الرؤية أمامه ليعيش حالة نادرة من التناقض والارتباك فتجده ومن على منبر واحد مع زعيم المؤتمر الشعبى المعارض الدكتور حسن الترابى يتوعد أهل الحكم بالوعيد وعظائم الأمور حتى اذا مضى به الحال الى مرحلة جديدة من مراحل تطور الحالة التى يعانيها تجاه مواجهة الحالة السياسية أمامه تجده بالأمس القريب ( وتحديداً يوم الجمعة الماضى وفى المركز العام لحزب الأمة وخلال مخاطبته احتفال كيانه بالذكرى السادسة والخمسون للاستقلال وامام جماهير الأنصار ) قد وضع الترابى فى قفص الاتهام وكال له الوعيد وهدده بعظائم الأمور ليواجه حال تغير الحالة السياسية ذات المصير الذى سيواجهه أهل السلطة والمؤتمر الوطنى .. !! .. الترابى عاجز عن احداث أى تغيير سياسى بالبلاد عبر انقلاب عسكرى ( وفق ما اتهمته الحكومة مؤخراً ) .. ذلك حتى ولو كان ينوى ذلك .. دعونى مرة للاشتراك معهم فى انقلاب عسكرى ورفضت والحديث لازال للصادق المهدى .. سنحاكمهم صفاً واحداً مع قادة المؤتمر الوطنى نظير ما ارتكبوه سوياً .. على الحكومة ان كانت تملك الأدلة الشروع فى اجراءات قضائية ضد الترابى وحزبه .. !! .. ويمضى المهدى فى هجومه المدهش على الترابى الذى جالسه طوال السنوات الماضية على منصة النضال المشترك لاسقاط النظام الحاكم ليقول : ان ادعاء قيادة المؤتمر الوطنى ( ويقصد الترابى شخصياً ) ان السلطات ترغب فى اعتقاله لا يتجاوز سببين الأول محاولتها تجنب ما ستشهده الساحة من احداث ملتهبة وتريد ( أى الترابى ) ان تجلس تحت شجرة ( النبق ) ليقوم الهواء بدوره فيسقط عليها النبق هكذا بدون اى مجهود نضالى أو أنها ( وهذا هو السبب الثانى فى رأى المهدى ) أنها أى قبادة الشعبى تسنعجل دورها ونصيبها من الكفاح وأضاف : أن المناضل الحقيقى لأ يقول للسلطات اعتقلينى حتى لا يحول اعنقاله دون كفاحه ونضاله وقال أن الاعتقال المتكرر من السلطات للترابى يوهم الناس بكفاح زائف وأن حزبه بتاريخه الطويل يرفض أن يتلقى الدروس من الذين صنعوا الشمولية فى البلاد ..!! .. ماالذى يحدث للصادق المهدى هنا .. ؟؟ .. لماذا هذا الهجوم القوى على زعيم حزب المؤتمر الشعبى الدكتور الترابى .. هل بدأ يشعر المهدى بأن الترابى بالفعل قد أفلح وبالكامل فى انتزاع الصوت المعارض للحكومة منه بل وأصبح وبالفعل هو حزب المعارضة الأول .. ؟؟ .. ويبدو أن هذه هى بالفعل الحقيقة التى أفقدت الصادق المهدى رباطة جأشه فأفرغ ما يعتمل فى نفسه من حنق وغضب شديدين على الدكتور الترابى الذى يكاد بمناوراته السريعة والتفافاته الذكية أن يفقد المهدى عقله .. ألم يقل الرجل فى ذات الاحتفال الأخير فى المركز العام لحزبه وأمام جماهيره المناصرة أنه هو من أقنع التحالف المعارض بقبول الترابى وحزب المؤتمر الشعبى ليكون ضمن التحالف المعارض للحكومة .. ماذا يعنى هذا الانفعال الغريب من جانب زعيم حزب الأمة .. انه يعنى قطعاً بأن المهدى قد ضاق ذرعاً بدهائية دكتور الترابى التى نقلته بسلاسة ونجاح ( وعقب خروجه الغامض من الحكومة أثر انقسام الاسلاميين المثير للجدل ) من موقف لايحسد عليه كمهندس وصانع للانقلاب الانقاذى فى 1989م الى موقف يبدو فيه مرتاحاً عقب سيطرته وبالكامل على الخطاب المعارض والفعل المناؤى للحكومة وهذا يعنى أن الرجل ( وان لم يكن يحكم الى الآن برفض البعض لهذه الفرضية ) فانه حكم ما شاء أن يحكم وهو الآن يعارض ما شاء أن يعارض بل أنه ( أى الترابى ) وبهذه الوضعية التى هو عليها الآن سيكون هو الزعيم الذى سيقود الربيع السودانى اذا ما هبت على الخرطوم رياح الربيع العربى التى مرت على تونس والقاهرة وطرابلس والآن تهب على دمشق وصنعاء .. ( يا له من رجل داهية ) .. أما المهدى فقد غاب عنه الحكم سنوات طوال عجاف والآن توشك أن تضيع منه المعارضة الى سنوات تاليات عجاف ايضاً .. ويبدو أن هذه الوضعية تكاد تبرر وبالفعل للحالة ( الاهتياجية الهستيرية ) للمهدى فهذا كثير على الرجل ..

ليست هناك تعليقات: