الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

# البعد النفسى فى التشكيل الحكومى الجديد .. !!

.. يبدو هذا العنوان بشكله وروحه أقرب للتصنيف المنهجى الأكاديمى للموضوعات بل ملتصقاً به تماماً وقد تعمدت خروجه على هذا النحو كسراً للرتابة وتحقيقاً لالتفاتة لزاوية أخرى وظلال أخرى لما أحدثه اعلان التشكيل الحكومى الجديد من جدل صحفى واعلامى واسع خاصة وقد زفرت الساحة كل زفرتها خلال الأيام الماضية بما أعطى الحدث حجمه ووزنه وأهميته لتبقى الجوانب الأخرى مثيرة لتناولها والتعاطى معها .. ومن بين هذه الجوانب فى تقديرى هو المناخ النفسى الذى خرج فيه الحدث وارتباطه بشخوص وأطراف المسرح السياسى فقد بدا هذا الجانب بوضوح وتأثير بالغ فى النتائج التى خرجت على مختلف مستوياتها ..
.. وهنالك أطراف أساسية تعبر حالتها عن هذا الموقف النفسى بدرجة أكبر من الأطراف الأخرى يمكن أخذ وتناول حالتها الواحد تلو الآخر على ذات النسق الأكاديمى لعنوان المقال أو أقرب اليه بشكل أو بآخر ..
أولاً : أصحاب التشكيل و ( أهل القلم ) :
هذه المجموعة التى تمثل أهل القرار والمتنفذون فى الحكومة والذين اعتادوا على القيام بهذه المهمة طوال اثنان وعشرون عاماً دونما كل أو مل واجهوا فى هذه المرة مناخاً مغايراً تماماً لذلك الطقس الذى ظلوا ينجزون مهمتهم فيه .. ففى المرات السابقة كانت هذه المجموعة تعمل بيسر وانسيابية وراحة بال بل كانت تشعر بسعادة بالغة وزهو كبير وهى تقوم بمهمتها المعلنة على الملأ حبث المتنافسون على المواقع من أهل السلطة وحاشيتها ومنتسبيها من أصحاب ( الشبق السلطوى ) يتدافعون على مجالسها ومكاتبها بل ومنازلها لخطب ودها والخروج برضاها سواءً بغرض الدخول الى التشكيل الجديد أو البقاء ضمن التشكيل الذى يعتزم أو ( يحتمل حله أو تعديله تعديلاً جوهرياً أو طفيفاً ) وبينما كانت هذه المجموعات ( ولازالت ) تدعو للاشفاق عليها لارتمائها وسكب كرامتها وربما رجولتها من أجل منصب وزارى اتحادى أو ولائى أو أدنى من ذلك ضمن السلك التنفيذى لمؤسسات الحكم .. كانت المجموعة المنتفذة والتى بيدها الحل والعقد والتى تدخل الأسماء وتلغى الأخرى تبدو هادئة هدوء ينبىء القريب منه بحجم الرضى والسعادة لمن يمارسه ويستمتع به وهذه الحالة بلا شك تورث صاحبها ( السيادى ) سادية مؤذية لمعانى التجرد والعدل وممارسة فعل أشبه بالطغيان والجبروت فصاحب هذه الحالة النفسية تأخذه معانى الفخار والشعور بالقدرة والنفاذ دوماً لما يتفق ورغباته ومزاجه وهى حالة ان تطورت تسيطر على صاحبها حتى دون أن يشعر بها وفى هذا ارتباط بمعنى قرآنى خطير يقول فيه المولى عز وجل فى سورة الأنعام الآية رقم 110 ( .. ونذرهم فى طغيانهم يعمهون ) – صدق الله العظيم .. ونسأل الله أن لأ يكون من نفصد هنا قد وصلوا الى هذه الدرجة ونحن نعلم بأن منهم المصلون الصائمون الذاكرون .. كانت هذه هى الحالة النفسية لهذا الفريق كلما هبت رياح تغيير وزارى حكومى كلياً كان أو جزئياً .. أما فى هذه المرة وخلال الفترة الصعبة التى سبقت اعلان التشكيل والتى تأخرت كثيراً .. يبدو أن هذه المجموعة قد دخلت فى حالة نفسية مغايرة تماماً حيث حقنها الظرف السياسى الماثل والتحولات الاقليمية الخطيرة بما يشبه فايروس القلق والاضطراب الذهنى الى الدرجة التى جاء معها أدائها مرتجفاً ومخيباً لآمالها هى نفسها فضلاً عن آمال الآخرين فبعد جهد جهيد وسعى محموم للخروج بصورة جديدة لشكل الحكم والحاكمين عاد الأمر بهذه المجموعة الى المربع الأول الذى انطلقت منه منذ أكثر من عقدين من الزمان وحبست نفسها فيه فى محبس أضحى بالنسبة لها وفيما يبدو محبساً نفسياً صلبا لم تستطع ولن تستطع الخروج منه أبداً فى انتظار أن يفعل الله أمراً هو وحده سبحانه من يعلم كيف سيكون ومتى سيكون .. !! .. ووفقاً لمعطيات هذه الحالة النفسية لهؤلاء فان ما ضاع أخيراً من يد هذه المجموعة يمثل فى ظن الكثيرين آخر طوق للنجاة والعبور بالمرحلة كما أنه للرياضيين أشبه بآخر فرصة لفريق كرة قدم منهزم تهيأت له فرصة للتعادل عبر ضربة جزاء أحتسبت لصالحه فى آخر دقيقة من الزمن ( بدل الضائع ) .. !! .. فأضاعها وسط خيبة كبيرة لآنصاره ..
ثانياً : جماهير الشعب المتلقية لقرارات الحل والتعيين الجديد :

.. وعلى ذات الشكل الأكاديمى نمضى لتقف على الحالة النفسية للطرف الأساسى الثانى وهو جماهير الشعب السودانى المتلقى لتفاصبل التشكيل الحكومى الجديد .. هؤلاء وبالرغم من تعرضهم لحالات مماثلة سابقة ( من خيبة الأمل أو على الأقل عدم الرضى ) فاقت فى عدد مراتها العشرات طوال العقدين الماضيين سواء بالحل والتعيين الكاملين أو بالتعديل الجزئى المحدود .. الا أنهم فى هذه المرة انتظروا وبحق تغيير حقيقى منقذاً أولاً للحالة الحرجة التى يعيشها ويمر بها وطنهم وثانياً مغيراً للحالة النفسية التى ظلوا يعيشونها منذ فترة طويلة وهم يأملون وبصبر مدهش فى حدوث شىء جديد فى حياتهم ولعل الغالبية من هؤلاء فعلوا ذلك ومارسوا كل هذا الصبر ثقة فى أفراد بعينهم من أهل الحكم يرون فيهم صدقية لأ محدودة للمحافظة على الأقل على أمن البلاد وسلامتها وعلى رأس هؤلاء الرئيس عمر البشير الذى التفت حوله خلال الآيام السابقة ( والتى سبقت اعلان شكل الحكم الجديد والتشكيل الوزارى الجديد ) .. قلوب هؤلاء فى انتظار أن يرووا فعلاً حقيقياً يجنبهم وبلادهم سيناريوهات خطيرة وربما دامية اذا ما غابت الحلول وعجزت العقول عن استيعاب دقة المرحلة وخطورتها البالغة والبالغة جداً .. وقد تباطأت على هؤلاء الأيام وتثاقلت عليهم الساعات فى انتظار اعلان الانفراج السياسى عبر التعديل المنتظر حتى اذا بلغ منهم التحفز والترقب مبلغه جاء ت خيبة أملهم وصدمتهم النفسية على نحو صادم بقوة لم أجد أبلغ فى التعبير عنه ووصفه من الذى صرخ به بقوة وبكى به بحرقة الأخ الصديق الهندى عزالدين – رئيس تحرير صحيفة ( الأهرام اليوم ) الذى بتر عموده اليومى صبيحة اعلان التشكيل الوزارى معتذراً لقرائه عن عجزه المضى فى اكمال العمود .. وقد تخيلت حينها ( صاحبى الهندى ) وقد تلاعبت مقلتيه على محجريهما بطول مكتبه الفخيم وعرضه وارتفاعه ثم تلقت صفحة منضدته جل غضبه الجميل عبر قبضتيه المرتجفتين ألماً وغضباً ودهشة .. حينها أطلقت ضحكة مجلجلة خرجت بالرغم منى ولأ أدرى ان كانت ضحكة على الهندى أم على نفسى أم على هذا البلد .. ؟؟!! .. وعلى القياس تلقت الجماهير المترقبة الشكل والصورة الجديدة للتعدبل الحكومى الأخير وقد دخلت فى حالة من الصمت المهيب ربما غير المصدق لما حدث وهى الآن فى حالة نفسية خطيرة تحاول معها استجماع قوتها الذهنية لاستيعاب ما حدث ومن ثم التعامل معه على وجه هى نفسها لأتدرى كيف سيكون أو متى سيكون ..
ثالثاً : الخارجون من المولد ( بلا حمص ) :
هذه المجموعة يعبر عنها من فاتهم قطار التعيين بعد أن انتظروه طويلاً و يبدو أن هؤلاء الآن يعيشون أقسى لحظاتهم ألماً وحنقاً على ما تم خاصة فيما بتصل بما سمى بالمشاركة العريضة التى ضيقت عليهم ( ودون سبب مقنع كما يعتقد هؤلاء ) فرص التأهل لمنصب مساعد أو مستشار أو وزير اتحادى أو ولائى أو حتى وزير دولة .. !! .. الحالة النفسية لهذه المجموعة تبدو عليها أفسى من أى وقت مضى لأن القطار فى المراحل السابقة عندما كان يتجاوز هؤلاء كانوا ( بلحقونه ) فى المحطة التالية أو التى تليها عبر كافة السبل التى من بينها ( الضرب تحت الركب أو حتى بين الفخذين ) .. أما فى هذه المرة فالحالة تختلف اذ يبدو الأمر أكثر تعقيداً وربما يتغير مسار القطار نفسه فى لحظة عبقرية تطيح حتى ب ( مسار ) التشكيل الجديد ..
.. ورحمك الله يا عبد الماجد أبوحسبو ورحم الاعلام معك فقد كنت فذاً يوم كان الزمان فذاً ..

.. أما ولو سألتم عن حالتى النفسية أنا أيها السادة القراء الكرام .. فسأقول لكم .. سأقول لكم .. آه آه آه .. هاتشوووووم .. رحمنى الله وغفر لى ولكم ..

ليست هناك تعليقات: