# الصومال .. ثأر واشنطن ومكر تل آبيب .. !!
.. هل يصدق أحداً بأن عدد الأطفال الذين ماتوا بسبب المجاعة وسوء التغذية الحادة فى الصومال خلال الأسبوعين الأخيرين فقط يلغ عددهم وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة عشرة آلاف طفل .. ؟؟!! .. شىء أقرب ما يكون للخيال .. الأمم المتحدة تقول بأن هذا الرقم مرشح للازدياد المضطرد فى كل ساعة كما تقول وعبر اليونسيف بأن معدل وفيات الأطفال الحالية فى الصومال قد تجاوزت الرقم القياسى فى أى أزمة بشرية مماثلة منذ أن خرج العالم بوجهه وواقعه الحديث .. بل أن أن الأمم المتحدة تمضى فى توصيفها للحالة الكارثية وتقول عبر أمينها العام بأن الصومال يشهد أسوأ كارثة له منذ 60 عاماً ممثلة فى مجاعة تحصد الكبار والصغار مؤكداً أن أكثر من نصف سكانه أى ما يبلغ منهم 3.7 مليون نسمة معرضون الآن لمجاعة طاحنة ويحتاجون لمساعدة عاجلة وفورية لانقاذهم .. وهذه هى رئيسة برنامج الغذاء العالمى بالأمم المتحدة تقول بأن ما شاهدنه أخيراً فى الصومال لم تشاهده فى حياتها كلها .. !! .. بل تقول هذه السيدة بأنها تؤكد للعالم الأن بأن أكثر من 12 مليون نسمة بالقرن الأفريقى باتت المجاعة تهدد حياتهم على نحو متسارع بأكثر مما يمكن لحاقه والتعامل معه .. !! .. .. ما الذى يحدث فى العالم ليواجه هذا الشعب الضعيف هذا المصير المفجع أمام كل العالم الحديث بحضارته وتمدنه وتطوره بل وبكل ادعاءات كباره وشعاراتهم المرفوعة والمنادية بحقوق الانسان والحرية والعدل واحترام الحياة بانسانها وحيوانها وييئتها .. ؟؟ !! .. هل نحن أمام انحدار أخلاقى انسانى أصاب الضمير الدولى حتى بات لأ يأبه فيه بموت عشرة آلاف طفل فقط فى أسبوعين .. ؟؟ !! .. أم أننا أمام ارادة دولية تقودها قوى دولية بذاتها تسعى لابقاء هذا البلد هكذا جائعاً ضعيفاً تحصد الحرب الأهلية بنيه بمثل ما تحصد المجاعة الآن أطفاله ونسائه وشيوخه .. ؟؟ !! ..
.. وبحكم الواقع المتأزم والدائم الذى يعيشه هذا القطر العربى المسلم منذ حوالى العقدين من الزمان يجعل التفكير فى الاحتمال الأخير القائل بوجود ارادة دولية تقودها قوى دولية للابقاء على حالة الفشل الأمنى والاقتتال القبلى وبالتالى التأزم الاقتصادى والغذائى وما جره ويجره الى اليوم من مجاعات متتالية على شعب الصومال المغلوب على أمره .. يبدو منطقياً الى حد كبير فمن غير المعقول أن لأيستطيع العالم بمؤسساته الدبلوماسية والسياسية والعسكرية ومنظماته الدولية أن يجد مخرجاً لهذا الوضع المتردى طوال هذه السنوات .. بل لعل أكثر ما يثير الفضول تجاه هذا الاحتمال هو ضعف الدور الدولى فى جهود المصالحة الصومالية بين الفصائل العشائرية والمذهبية المتقاتلة بل أن هنالك من المؤشرات ما أشار وفى أوقات سابقة الى تدخلات دولية صاغتها مصالح متضاربة أدت الى اجهاض المؤتمرات الاقليمية التى عقدت لاقرار حالة السلام بالصومال وكان أشهرها مؤتمر أديس أبابا غى العام 1993م ومؤتمر القاهرة فى العام 1997م .. وما تلاها من مجهودات تم اجهاضها والتأثير عليها من قبل قوى دولية ظلت زاهدة فى تقديم أية جهود حقيقية للوصول لحالة من الاستقرار الأمنى فضلاً عن السياسى فى الصومال .. وبالنظر للتاريخ السياسى لهذا البلد خلال الثلاث عقود الماضية فان المرء لأ يجد عنتاً أو مشقة عند وضعه للولايات المتحدة فى دائرة الاتهام الأولى بجانب الكيان الاسرائبلى الذى بدأ هو الآخر فى تعظيم اهتمامه ودوره ووجوده فى القرن الافريقى خلال ذات هذه الفترة حتى أفلح أخيراً فى ترسيخ وجوده الدبلوماسى فى ثلاث دول تمثل برقعتها الجغرافية وتأثيرها فى المنطقة أهم دول القرن الافريقى على الاطلاق باستثناء الصومال نفسه الذى لم تفلح تل آبيب وواشنطن الى الآن من تحقيق وجود حقيقى على أراضيه فلجأت كلاهما وعلى نحو خاص الولايات المتحدة الى المحافظة على الحالة الأمنية بتوتراتها وانقساماتها بل وبوضعها الغذائى المتأزم والذى أدى الى مجاعات متتالية أصبحت بمآسيها جزءاً أصيلاً من وجه هذه المنطقة وهذا البلد المنكوب ..
.. ولكى يبدو الحديث هنا على موضوعيته وأدلته وبراهبنه يتوجب النظر الى ما شكله تاريخ المنطقة والصومال منذ بداية مأساته فى السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضى .. ففى عام 1991م أفلح الشعب الصومالى فى الاطاحة بالرئيس سياد برى الذى جثم بنظامه الديكتاتورى على صدر الشعب الصومالى سنوات طويلة وكانت الآمال الشعبية فى الصومال كبيرة لبداية عهد جديد من الحرية والتنمية والتقدم والسلام .. الا أن شىء من ذلك لم يحدث بسبب اندلاع اقتتال مفاجىء بين كلاً من فصيلى عيديد وعلى مهدى الشىء الذى أدى الى حالة من الاقتتال الأهلى والانفراط الأمنى الذى اتسعت رقعته بدءاً من جنوب العاصمة مقديشو ليستفحل بتطوراته المتتالية مما أدى الى تدخل دولى أرسلت على أثره الأمم المتحدة قواتها لحفظ السلام الا أن هذه القوات عجزت عن القيام بدورها المطلوب حتى حدث وأن هاجمت قوات عيديد فى عام 1993م رتلاً من القوات الباكستانية التى كانت جزءاً من قوات الأمم المتحدة فى مقديشو وهو الهجوم الذى أسفر عن مقتل 26 جندياً باكستانياً مع جرح آخرين .. على أثر ذلك أصدر مجلس الأمن وبضغط مباشر من الولايات المتحدة القرار رقم 837 الذى تحولت بمقتضاه قوات الأمم المتحدة لخفظ السلام الى قوات محاربة فى حدث كان مشهوداً اذ أنه ومنذ العام 1950م ابان أحداث كوريا لم يصدر مجلس الأمن أى قرار مماثل أقر بمقتضاه لقواته بالعمل العسكرى المباشر .. وقد كان مثيراً فى وقت لاحق أن يصرح المبعوث الأمريكى الخاص للصومال – روبرت أوكايل - بأن الهدف من تدخل الولايات المتحدة العسكرى وعبر الغطاء الأممى فى الصومال فى العام 1993م لم يكن هدفه الدفاع عن القوات الباكستانية أو الانتقام لها بل كان هدفه تأسيس وضع صومالى جديد وهو اعتراف خطير أشار حينها للأهداف الأمريكية الكبيرة فى الصومال والقرن الافريقى والتى تبدأ بتأسيس واقرار حكومة صومالبة موالية لواشنطن .. الا أن المخطط الأمريكى قد منى بفشل كبير على أثر تحول قوات عيديد التى أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها تأديبها الى قوات وطنية ثورية مجاهدة ضد الغزو الدولى بقيادة الولايات المتحدة وبالفعل حقق عيديد انتصارات كبيرة على قوات الأمم المتحدة والقوات الأمريكية التى بشع بها عيديد وأدخلها فى موقف محرج للغاية شهده العالم شامتاً .. هذا فى الوقت الذى بدأ فيه التحالف الدولى فى الصومال فى الترنح والسقوط اثر الخلاف الكبير الذى نشب بين قوات الأمم المتحدة والولايلت المتحدة من جهة والقوة الايطالية المشاركة فى الصومال من جهة أخرى وذلك بعد رفض الطليان تنفيذ أوامر قيادة قوات الأمم المتحدة بتنقيذ ضربة على عيديد مما أدى لتسمم الأجواء لدى القوات الدولية فى الوقت الذى سارعت فيه فرنسا لتأييد الموقف الايطالى فيما تململت القوات الألمانية بفعل الاحتجاجات الداخلية فيما سارعت القوات العربية المشاركة ممثلة فى قوات المملكة السعودية والكويت ومصر والأردن لتأييد الموقف الايطالى .. وأخيراً جاءت قاصمة الظهر للقوات الأممية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عندما أقلح عيديد فى أكتوبر من العام 1993م فى اسقاط طائرتى هيلوكوبتر أمريكيتين فقتل على أثر هذه العملية ما زاد عن 19 جندى أمريكى بينما أصيب أكثر من 40 آخرين وجاءت هذه الكارثة فى أعقاب فشل القوات الأمريكية فى تنفيذ عملية قصف ضد قوات عيديد وقد شهد كل العالم عقب هذا الحادث وعلى شاشات التلفزة العالمية الصوماليين الثوار وهم يسلحون جثة أحد الطيارين الأمريكان المشاركين فى العملية على شوارع مقديشو فى مشهد أغضب الولايات المتحدة كثيراً وارتفعت على أثره الأصوات المنادية بسرعة انسحاب القوات الأمريكية من الصومال وانهاء الوجود الأمريكى العسكرى فيه ويالفعل سارع الرئيس الأمريكى يبل كلينتون لمخارجة سياسية مفضوحة انتهت وكما ذكر بطرس غالى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بنفسه فى كتابه ( خمس سنوات فى بيت من زجاج ) بهزيمة عسكرية لأمريكا وسياسية للأمم المتحدة .. هذا ما ذكره بطرس غالى فيما رد الرئيس الأمريكى عليه رداً مباشراً ومثيراً عندما ذكر أن القوات الأمريكية فى الصومال كانت تنقذ اوامر بطرس غالى وبذلك حمل الأمم المتحدة ما حدث فى الصومال .. !! .. أما عيديد نفسه فقد خرج منتصراً ومات فيما بعد موتاً طبيعياً فى العام 1996م .. وهكذا عاشت الولايات المتحدة أسوأ أيامها فى الصومال .. أيام لأ تنسى أبداً .. أياماً تدعو للثأر على الطريقة الأمريكية .. !! .. ومنذ ذلك التاريخ والولايات المتحدة باتت بعيدة عن الأرض الصومالية الى أن نفذت فى العام 2003م هجوماً جوياً على الجزر الصومالية انطلاقاً من قاعدة ( ليمونييه ) العسكرية فى جبيوتى بحجة وجود ارهابيين عليها وهو ما احتجت عليه الحكومة الصومالية الانتقالية الا أن واشنطن ذكرت بأنها لن تستأذن من الحكومة الصومالية بحجة عدم وجود حكومة موحدة معترف بها وهذا يعنى أن القوات الأمريكية التى نشطت على سواحل البحر الأحمر بهدف مراقبة السواحل والسفن التجارية المتجهة للصومال قد أعطت نفسها كامل الصلاحيات لاتخاذ أى تصرف عسكرى فى المنطقة .. !! ..
هذه الوضعية بالتحديد تدعو الآن للريبة فى ظل الطموح الاسرائيلى المتواصل للعب دور فى الصومال والقرن الأفريقى وكأن الولايات المتحدة بهذا الوجود القوى وهذه الصلاحيات العسكرية غير القانونية تمارس ثأراً قديماً كما و أصبحت بارادتها أو بدونها تشكل الآن غطاءً عسكرياً وسياسيا غير مباشر لتل آبيب لتحقيق ما تطمح فيه فى منطقة القرن الأفريقى والصومال .. هذه هى الحقيقة التى يتستر خلفها الوضع غير المستقر فى هذا اليلد الذى تطحنه الآن المجاعة وتكاد تفتك بنصف سكانه ..
.. هل يصدق أحداً بأن عدد الأطفال الذين ماتوا بسبب المجاعة وسوء التغذية الحادة فى الصومال خلال الأسبوعين الأخيرين فقط يلغ عددهم وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة عشرة آلاف طفل .. ؟؟!! .. شىء أقرب ما يكون للخيال .. الأمم المتحدة تقول بأن هذا الرقم مرشح للازدياد المضطرد فى كل ساعة كما تقول وعبر اليونسيف بأن معدل وفيات الأطفال الحالية فى الصومال قد تجاوزت الرقم القياسى فى أى أزمة بشرية مماثلة منذ أن خرج العالم بوجهه وواقعه الحديث .. بل أن أن الأمم المتحدة تمضى فى توصيفها للحالة الكارثية وتقول عبر أمينها العام بأن الصومال يشهد أسوأ كارثة له منذ 60 عاماً ممثلة فى مجاعة تحصد الكبار والصغار مؤكداً أن أكثر من نصف سكانه أى ما يبلغ منهم 3.7 مليون نسمة معرضون الآن لمجاعة طاحنة ويحتاجون لمساعدة عاجلة وفورية لانقاذهم .. وهذه هى رئيسة برنامج الغذاء العالمى بالأمم المتحدة تقول بأن ما شاهدنه أخيراً فى الصومال لم تشاهده فى حياتها كلها .. !! .. بل تقول هذه السيدة بأنها تؤكد للعالم الأن بأن أكثر من 12 مليون نسمة بالقرن الأفريقى باتت المجاعة تهدد حياتهم على نحو متسارع بأكثر مما يمكن لحاقه والتعامل معه .. !! .. .. ما الذى يحدث فى العالم ليواجه هذا الشعب الضعيف هذا المصير المفجع أمام كل العالم الحديث بحضارته وتمدنه وتطوره بل وبكل ادعاءات كباره وشعاراتهم المرفوعة والمنادية بحقوق الانسان والحرية والعدل واحترام الحياة بانسانها وحيوانها وييئتها .. ؟؟ !! .. هل نحن أمام انحدار أخلاقى انسانى أصاب الضمير الدولى حتى بات لأ يأبه فيه بموت عشرة آلاف طفل فقط فى أسبوعين .. ؟؟ !! .. أم أننا أمام ارادة دولية تقودها قوى دولية بذاتها تسعى لابقاء هذا البلد هكذا جائعاً ضعيفاً تحصد الحرب الأهلية بنيه بمثل ما تحصد المجاعة الآن أطفاله ونسائه وشيوخه .. ؟؟ !! ..
.. وبحكم الواقع المتأزم والدائم الذى يعيشه هذا القطر العربى المسلم منذ حوالى العقدين من الزمان يجعل التفكير فى الاحتمال الأخير القائل بوجود ارادة دولية تقودها قوى دولية للابقاء على حالة الفشل الأمنى والاقتتال القبلى وبالتالى التأزم الاقتصادى والغذائى وما جره ويجره الى اليوم من مجاعات متتالية على شعب الصومال المغلوب على أمره .. يبدو منطقياً الى حد كبير فمن غير المعقول أن لأيستطيع العالم بمؤسساته الدبلوماسية والسياسية والعسكرية ومنظماته الدولية أن يجد مخرجاً لهذا الوضع المتردى طوال هذه السنوات .. بل لعل أكثر ما يثير الفضول تجاه هذا الاحتمال هو ضعف الدور الدولى فى جهود المصالحة الصومالية بين الفصائل العشائرية والمذهبية المتقاتلة بل أن هنالك من المؤشرات ما أشار وفى أوقات سابقة الى تدخلات دولية صاغتها مصالح متضاربة أدت الى اجهاض المؤتمرات الاقليمية التى عقدت لاقرار حالة السلام بالصومال وكان أشهرها مؤتمر أديس أبابا غى العام 1993م ومؤتمر القاهرة فى العام 1997م .. وما تلاها من مجهودات تم اجهاضها والتأثير عليها من قبل قوى دولية ظلت زاهدة فى تقديم أية جهود حقيقية للوصول لحالة من الاستقرار الأمنى فضلاً عن السياسى فى الصومال .. وبالنظر للتاريخ السياسى لهذا البلد خلال الثلاث عقود الماضية فان المرء لأ يجد عنتاً أو مشقة عند وضعه للولايات المتحدة فى دائرة الاتهام الأولى بجانب الكيان الاسرائبلى الذى بدأ هو الآخر فى تعظيم اهتمامه ودوره ووجوده فى القرن الافريقى خلال ذات هذه الفترة حتى أفلح أخيراً فى ترسيخ وجوده الدبلوماسى فى ثلاث دول تمثل برقعتها الجغرافية وتأثيرها فى المنطقة أهم دول القرن الافريقى على الاطلاق باستثناء الصومال نفسه الذى لم تفلح تل آبيب وواشنطن الى الآن من تحقيق وجود حقيقى على أراضيه فلجأت كلاهما وعلى نحو خاص الولايات المتحدة الى المحافظة على الحالة الأمنية بتوتراتها وانقساماتها بل وبوضعها الغذائى المتأزم والذى أدى الى مجاعات متتالية أصبحت بمآسيها جزءاً أصيلاً من وجه هذه المنطقة وهذا البلد المنكوب ..
.. ولكى يبدو الحديث هنا على موضوعيته وأدلته وبراهبنه يتوجب النظر الى ما شكله تاريخ المنطقة والصومال منذ بداية مأساته فى السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضى .. ففى عام 1991م أفلح الشعب الصومالى فى الاطاحة بالرئيس سياد برى الذى جثم بنظامه الديكتاتورى على صدر الشعب الصومالى سنوات طويلة وكانت الآمال الشعبية فى الصومال كبيرة لبداية عهد جديد من الحرية والتنمية والتقدم والسلام .. الا أن شىء من ذلك لم يحدث بسبب اندلاع اقتتال مفاجىء بين كلاً من فصيلى عيديد وعلى مهدى الشىء الذى أدى الى حالة من الاقتتال الأهلى والانفراط الأمنى الذى اتسعت رقعته بدءاً من جنوب العاصمة مقديشو ليستفحل بتطوراته المتتالية مما أدى الى تدخل دولى أرسلت على أثره الأمم المتحدة قواتها لحفظ السلام الا أن هذه القوات عجزت عن القيام بدورها المطلوب حتى حدث وأن هاجمت قوات عيديد فى عام 1993م رتلاً من القوات الباكستانية التى كانت جزءاً من قوات الأمم المتحدة فى مقديشو وهو الهجوم الذى أسفر عن مقتل 26 جندياً باكستانياً مع جرح آخرين .. على أثر ذلك أصدر مجلس الأمن وبضغط مباشر من الولايات المتحدة القرار رقم 837 الذى تحولت بمقتضاه قوات الأمم المتحدة لخفظ السلام الى قوات محاربة فى حدث كان مشهوداً اذ أنه ومنذ العام 1950م ابان أحداث كوريا لم يصدر مجلس الأمن أى قرار مماثل أقر بمقتضاه لقواته بالعمل العسكرى المباشر .. وقد كان مثيراً فى وقت لاحق أن يصرح المبعوث الأمريكى الخاص للصومال – روبرت أوكايل - بأن الهدف من تدخل الولايات المتحدة العسكرى وعبر الغطاء الأممى فى الصومال فى العام 1993م لم يكن هدفه الدفاع عن القوات الباكستانية أو الانتقام لها بل كان هدفه تأسيس وضع صومالى جديد وهو اعتراف خطير أشار حينها للأهداف الأمريكية الكبيرة فى الصومال والقرن الافريقى والتى تبدأ بتأسيس واقرار حكومة صومالبة موالية لواشنطن .. الا أن المخطط الأمريكى قد منى بفشل كبير على أثر تحول قوات عيديد التى أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها تأديبها الى قوات وطنية ثورية مجاهدة ضد الغزو الدولى بقيادة الولايات المتحدة وبالفعل حقق عيديد انتصارات كبيرة على قوات الأمم المتحدة والقوات الأمريكية التى بشع بها عيديد وأدخلها فى موقف محرج للغاية شهده العالم شامتاً .. هذا فى الوقت الذى بدأ فيه التحالف الدولى فى الصومال فى الترنح والسقوط اثر الخلاف الكبير الذى نشب بين قوات الأمم المتحدة والولايلت المتحدة من جهة والقوة الايطالية المشاركة فى الصومال من جهة أخرى وذلك بعد رفض الطليان تنفيذ أوامر قيادة قوات الأمم المتحدة بتنقيذ ضربة على عيديد مما أدى لتسمم الأجواء لدى القوات الدولية فى الوقت الذى سارعت فيه فرنسا لتأييد الموقف الايطالى فيما تململت القوات الألمانية بفعل الاحتجاجات الداخلية فيما سارعت القوات العربية المشاركة ممثلة فى قوات المملكة السعودية والكويت ومصر والأردن لتأييد الموقف الايطالى .. وأخيراً جاءت قاصمة الظهر للقوات الأممية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عندما أقلح عيديد فى أكتوبر من العام 1993م فى اسقاط طائرتى هيلوكوبتر أمريكيتين فقتل على أثر هذه العملية ما زاد عن 19 جندى أمريكى بينما أصيب أكثر من 40 آخرين وجاءت هذه الكارثة فى أعقاب فشل القوات الأمريكية فى تنفيذ عملية قصف ضد قوات عيديد وقد شهد كل العالم عقب هذا الحادث وعلى شاشات التلفزة العالمية الصوماليين الثوار وهم يسلحون جثة أحد الطيارين الأمريكان المشاركين فى العملية على شوارع مقديشو فى مشهد أغضب الولايات المتحدة كثيراً وارتفعت على أثره الأصوات المنادية بسرعة انسحاب القوات الأمريكية من الصومال وانهاء الوجود الأمريكى العسكرى فيه ويالفعل سارع الرئيس الأمريكى يبل كلينتون لمخارجة سياسية مفضوحة انتهت وكما ذكر بطرس غالى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بنفسه فى كتابه ( خمس سنوات فى بيت من زجاج ) بهزيمة عسكرية لأمريكا وسياسية للأمم المتحدة .. هذا ما ذكره بطرس غالى فيما رد الرئيس الأمريكى عليه رداً مباشراً ومثيراً عندما ذكر أن القوات الأمريكية فى الصومال كانت تنقذ اوامر بطرس غالى وبذلك حمل الأمم المتحدة ما حدث فى الصومال .. !! .. أما عيديد نفسه فقد خرج منتصراً ومات فيما بعد موتاً طبيعياً فى العام 1996م .. وهكذا عاشت الولايات المتحدة أسوأ أيامها فى الصومال .. أيام لأ تنسى أبداً .. أياماً تدعو للثأر على الطريقة الأمريكية .. !! .. ومنذ ذلك التاريخ والولايات المتحدة باتت بعيدة عن الأرض الصومالية الى أن نفذت فى العام 2003م هجوماً جوياً على الجزر الصومالية انطلاقاً من قاعدة ( ليمونييه ) العسكرية فى جبيوتى بحجة وجود ارهابيين عليها وهو ما احتجت عليه الحكومة الصومالية الانتقالية الا أن واشنطن ذكرت بأنها لن تستأذن من الحكومة الصومالية بحجة عدم وجود حكومة موحدة معترف بها وهذا يعنى أن القوات الأمريكية التى نشطت على سواحل البحر الأحمر بهدف مراقبة السواحل والسفن التجارية المتجهة للصومال قد أعطت نفسها كامل الصلاحيات لاتخاذ أى تصرف عسكرى فى المنطقة .. !! ..
هذه الوضعية بالتحديد تدعو الآن للريبة فى ظل الطموح الاسرائيلى المتواصل للعب دور فى الصومال والقرن الأفريقى وكأن الولايات المتحدة بهذا الوجود القوى وهذه الصلاحيات العسكرية غير القانونية تمارس ثأراً قديماً كما و أصبحت بارادتها أو بدونها تشكل الآن غطاءً عسكرياً وسياسيا غير مباشر لتل آبيب لتحقيق ما تطمح فيه فى منطقة القرن الأفريقى والصومال .. هذه هى الحقيقة التى يتستر خلفها الوضع غير المستقر فى هذا اليلد الذى تطحنه الآن المجاعة وتكاد تفتك بنصف سكانه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق