الأربعاء، 10 أغسطس 2011

# الاسلاميون وذكرى الانشقاق الكاذب ..!!


.. لن يفلح أحداً اياً كان فى زحزحة قناعتى الراسخة والأكيدة بأن ما قام به الدكتور حسن الترابى زعيم الحركة الاسلامية فى العام 1999م من خطوات بدت كانقسام اسلامى – اسلامى بينه وجناح آخر تزعمه الرئيس البشير وعلى عثمان محمد طه فيما عرف بقرارات رمضان الشهيرة فى مثل هذه الأيام والتى انتهت بحالة وهمية من الاختلاف بين جناحين عرفا بجناحى القصر والمنشية .. بأنها أحداث نسجتها الخلايا المخية ( الدهائية الماكرة ) لهذا الرجل الذى تبدو عينيه على صغر محجريهما أشبه بمستودع ضخم لأ يرى من تأمل فيه الا هوة سوداء مظلمة لأ قرار لها بحيث لأ يفلح أحداً فى رؤية أو قراءة شىء فيه مهما كانت قدرته فى قراءة الأفكار أو خبرته فى التعامل والتعاطى مع لغة العيون والترابى نفسه يشعر المرء أحياناً أنه يفلح فى خداع نفسه على نحو كامل وتام من خلال تطويع كافة مكونات ذاته جسداً وعقلاً ليدخلا معاً فى حالة نادرة وعبقرية من التقمص والانفعال بالفكرة والحالة .. !! .. وهو فى هذا يضارع فى تقديرى نجوم السينما العالمية بحيث لو قدر لهذا الشيخ أن يكون ممثلاً ضمن عالم هوليوود لأحتكر جائزة الأوسكار الدولية لأكثر من عقد كامل من السنوات قياساً لنجاحه فى استمرار أكبر وأطول مسرحية سياسية يشهدها العالم طوال تاريخه السياسى المعاصر ..
.. وحكاية الأوسكار هذه تذكرنى بموقف له صلة مباشرة بموضوع هذا المقال أفلح فى نسج خيوطه الشاب الصحفى الزميل عبد الماجد عبدالحميد .. هذا الصحفى النابه الذى قبل وللأسف وبارادته ترك قلمه الحصيف بعقله واتزانه و الجرىء برؤيته الواضحة والمؤثر بقوته وشجاعته ليكون أحد الدستوريين فى ولاية النيل الأبيض قابعاً فى ركن بعيد مظلم لأ يراه أحد ولأ يرى منه أحداً خاضعاً وبمحض ارادته لما أظنه مؤامرة لاقصاء قلم كان يمكن أن يكون رقماً مؤثراً فى سنوات حاسمة وهامة وخطيرة .. !! .. بدأ الموقف عقب كتابتى وقبل حوالى ثمانى سنوات لمقال فى صحيفة الرأى العام حمل عنوان ( الاسلاميون والانشقاق الكاذب .. !! ) والذى مثل صدمة للبعض من حولى الذين ما كانوا يعتقدون برسوخ اعتقادى بمسرحية المفاصلة التى وقعت بين الشيخ الترابى والرئيس البشير .. حمل الأخ عبد الماجد ما كتبته لأحد القيادات الاسلامية المعروفة بنزعتها الفكرية وقد كان أحد الشباب الاسلاميين الذين نالوا سنوات من العلم فى أمريكا ( أولاد أمريكا ) بالرغم من كونه كادراً يساريا سابقاً والطريف أن هنالك من الاسلاميين الممتعضين من الرجل وأسلوبه المتعجرف من لأ زال يعتقد جازما بيسارية هذا الرجل بل وشيوعيته ايضاً .. !! .. كان رد هذا الرجل للأخ عبد الماجد عبدالحميد على ما كتبت بأنه لو كان أمر المفاصلة التى وقعت بين الاسلاميين مجرد مسرحية ( لأستحقينا ) كما قال ويقصد بذلك الاسلاميين جائزة الأوسكار .. أغضبنى هذا الرد المستهتر وتخيلت حينها صورة ووجه هذا الرجل المتعجرف بطبيعته ساخراً منى وعلى الفور قررت الرد عليه من خلال مقال آخر بذات العنوان ( الاسلاميون والانشقاق الكاذب .. !! ) .. وبالفعل كتبت المقال وأضفت له ما أضفت من مبررات لقناعتى تلك ولكنى مع هذا لم أهمل بيت القصيد من المقال والذى أردت به النيل من الرجل فذكرت الحادثة كما وقعت للقارىء وقلت بأن هنالك أحد من القيادات الاسلامية معروف بنزعته الفكرية تصدى لفكرة المسرحية ذاكراً بأن الأمر لو كان مسرحية لأستحق هو ومن معه من الاسلاميين جائزة الأوسكار .. هنا وجهت حديثى للرجل وقلت له ( .. لو صح الأمر وكان بالفعل مسرحية كما هى قناعتى الراسخة ) فلن تكون أنت يا عزيزى المفكر ضمن من بيدهم خيوط اللعبة .. بل لن تكون أنت ضمن من يعلم بها أصلاً .. بل ستكون أنت أحدى الدمى والعرائس التى يحركها الشيخ الترابى ضمن مسرحيته كيفما شاء وفق ما يراه وما يخطط له على خشبة المسرح السودانى السياسى .. ويا عزيزى المفكر النابه هذه هى طبيعة الأشياء عندما تتعامل مع محيط رجل داهية كالترابى فهنالك دوماً فى هذه المساحة قانون ترابى يقول أن هنلك أموراً بعينها فيها من تقدم اخترق وآخر احترق .. وبالحق فالأمر كذلك وهذه هى طبيعة الترابى وعقيدته الحركية ( أعلم فقط بما يمكنك من أداء دورك وما طلب منك ) .. والترابى فى هذا لايأبه أبداً لما قد يحدث نتاجاً أو سقطاً أو خسائراً لما يفعله مهما كان ثمنه طالما أنه يمضى فى هدفه الذى يراه أمامه بأولويته وأهميته .. وهنا أذكر حواراً طريفاً لى مع أحد الاخوة الاسلاميين المنتمين والمتحمسين لحزب المؤتمر الشعبى بقيادة الترابى دوماً ما أمازحه بشأن موقفه من الانقسام الوهمى .. مررت بهذا الأخ فبل يومين فقط وقلت له مازحاً ( .. والله يا أخى انتم تتعبون أنفسكم على الفاضى .. الحكاية دى مسرحية الممثل الرئيسى والمخرج الأول فيها شيخكم الترابى نفسه .. عشان كده ما تمشوا فى الموضوع كتير وما تخلقوا ليكم مواقف عدائية ما ليها داعى مع ناس المؤتمر الوطنى والحكومة حكومة أخوانكم بس هم داخل الحوش الحكومى وانتو على الرصيف .. !! ) .. غضب هذه الأخ هذه المرة غضباً بدا لى شىء منه حقيقياً مما دعانى للجلوس اليه وسرد حججى التى تبرر موقفى بأن الأمر كله عبارة عن مسرحية للترابى .. قلت له يا أخى الكريم أنت كنت طوال تاريخك التنظيمى من المقربين للشيخ الترابى .. تجلس فى مجلسه وترافق رحلاته وتجاذبه وغيرك من شباب الحركة الاسلامية الحديث .. هل علمت يوماً بأن هذا الرجل تعتريه حماقة أياً ما كان الموقف على حدته واستفزازه ودرجة مهانته .. قال لى لأ .. قلت له اذاً كيف يمكنك تصديق بأن الشيخ حسن الترابى الذى شارك جعفر نميرى الحكم وكلاً منهما يعلم يأن الآخر غريمه المتريص به فى كل لحظة عبر انقلاب أو سجن واعتقال .. يأخى الكريم كان الترابى يجلس وعقب المصالحة التى جمعته بنظام مايو فى منتصف السبعينات عندما رفض الصادق المهدى وزعيم الاتحاديين محمد عثمان الميرغنى المشاركة فيها .. كان الرجل يجلس أمام النميرى على الصفوف الأمامية والأخير أثناء مخاطبته الناس يكاد بشير للترابى وهو بصف الاسلاميين باخوان الشياطين ..!! ..كان الترابى يتبسم ويؤمى براسه موفقاً النميرى فيما يقول وبالرغم من هذا مضى فى شراكته مع مايو حتى أسقطها وهو من داخل السجن الذى دخله قبل أيام قلائل فقط من الاطاحة بمن وصفه وجماعته باخوان الشياطين .. هل تصدق يأخى الكريم أن يترك رجل كهذا الحكم الذى صنعه بنفسه هكذا لعدد من تلاميذه وحيرانه لأسباب أقل ما توصف بأنها واهنة وضعيفة .. كيفية ترشيح ولاة الولايات وبعض من التعديلات الدستورية غير ذات الأهمية القصوى ان أنفذت أو تركت .. معقول يا راجل .. !! .. الترابى أكثر من هذا حنكة ودراية وبصيرة وتعقل .. الطريف يا صديقى أن ذات التعديلات أساس الخلاف المعلن أنفذت فيما بعد بذات رؤية الترابى .. !! .. شىء مضحك .. !! .. ومضيت فى حديثى لذلك الأخ بسرعة تعمدتها حتى لأ يلتقط أنفاسه الا بعد أن أكمل فكرتى .. قلت له : .. شىء آخر .. دعنا نضع موضوع المسرحية كفرضية وعبر منهج علمى نحاول معاً اثياتها بحيادية العلم والمنطق .. سؤالى لك هنا .. ماذا حدث بعد أن ترك الترابى الحكم فى يد البشير وعلى عثمان .. ؟؟ .. أقول لك .. استطاعت الحكومة السودانية وعبر اعلانها اقصاء الترابى ( والرسالة هنا بوضوح أكثر لمصر مبارك والولايات المتحدة ) أن تعلن تخليها عن البرنامج الاسلامى الأصولى الذى اقترن بالترابى وتعزز بعد تكوينه وتشكيله للمؤتمر الشعبى العربى والاسلامى والذى أمته أكثر التيارات الأصولية فى العالم فضلاً عن الوجود الفعلى لزعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن ( قبل اعلان القاعدة لنفسها وبرنامجها الجهادى ) .. ابعاد النرابى الذى اتهمته أمريكا بأنه الرجل الذى جمع بين فكر الجهاديين بقيادة أيمن الظواهرى وأسامة بن لادن المتشدد الأصولى السنى .. وهذا الاتهام وان بقى شيئاً غير مثبت الا قرائن الأحوال ونشاط الترابى المحموم آنذاك لتوحيد حركات المقاومة الاسلامية بل وحتى العربية مع استحضار صورة السودان كدولة أولى نجح فيها الاسلاميين فى الوصول للحكم بما يؤهلها الى تقديم المساعدة الفكرية والحركية بل والمادية اللوجستية على أقل تقدير لغيرها من الحركات التى لازالت تقاوم من أجل الوصول لسدة الحكم أو التأثير فيه .. يضع الاتهام الأمريكى للترابى فى مربع المعقول والمعقول جداً للصلة التى جمعت بن لادن بالسودان آنذاك فضلاً عن قدرات الترابى وطموحاته الجامحة .. هذه هى الرسالة الأولى للترابى التى أراد ارسالها عبر خروجه الكاذب من حكومة الانقاذ وهى الرسالة التى ولطرافة الموقف وسخريته تولت مصر مبارك مهمة توصيلها للغرب والولايات المتحدة خاصة بهدف تعديل أية مخططات تستهدف السودان عسكرياً فمصر مبارك آنذاك وبحكم تنصيبها لنفسها وصية على الوضع السياسى فى السودان كانت خجلة من الفضيحة التى ورطها فيها الترابى عندما خدعها بتقديم البشير وأقرانه لسدة الحكم وأختبأ هو لحين فى السجن حتى اذا ما تبينت حقيقة الأمر كان هاتف صوت الرئيس الأمريكى على الهاتف يصك أذن حسنى مبارك صارخاً ومعنفاً .. كيف خدعكم هذا الرجل النحيل .. ؟؟ .. اذاً السودان وبعد خروج الترابى يطل بوجه جديد .. يعيد علاقاته العربية مع كافة الدول العربية وعلى رأسها الكويت بالرغم من الموقف المعلن للخرطوم والمناصر للعراق وصدام حسين .. وعبر مصر المخدوعة يبدأ مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية آنذاك فى التجوال عبر الدهاليز الدولية هنا وهناك رافعاً بعض الحواجز عن الطريق بينما أفلح فى رفعها من على كافة الطرق العربية على نحو استدر به عطف المنطقة العربية كلها التى أعلنت هى الأخرى عن ارتياحها من انتهاء مرحلة القلق حيال امكانية رفع الاسلاميين لديها من سقف طموحاتهم وهم ينظرون لمثال الترابى وتجربته .. هل أنت معى يا أخى .. التفت لصديقى فوجدته يصطنت الى باهتمام فمضيت مسرعاً فى الحديث قبل أن تحدثه نفسه بمقاطعتى .. على المستوى الداخلى ماذا حدث حتى الآن .. ؟؟ .. أنظر الاسلاميون باتوا الآن يحكمون ويعارضون فى ذات الوقت .. !! .. ألم تسمع يوماً الدكتور حسن الترابى يتحدث فى تنويراته السرية لمنتسبى تنظيمه بأنه يطمح فى وجود حالة سياسية سودانية مستقرة يتم فيها تبادل للسلطة بين حزبين كبيرين تماماً كما والحالة الأمريكية والبريطانية وكذا الحالة الفرنسية التى فتن بها الرجل خلال دراسته بها .. يطمح فى حالة مشابهة ولكنها مسودنة بل ومؤسلمة بحيث يكون الحزبين المتنافسين يسبحان فى محيط واحد وينهلان من منهل واحد هو المنهل الاسلامى السياسى .. الآن الرجل فى طريقه لتحقيق ما يريد .. أنظر بعد انفصال الجنوب سيسعى الرجل لتحقيق مايلى .. أولاً سيدفع القوى الرئيسية الأمة والاتحاديين وغيرهم للمشاركة مع الوطنى فى حكومة عريضة لتأسيس مرحلة سياسية جديدة كتب هو دستورها بنفسه من داخل المعتقل (ومن فى هذا البلد يستطيع كتابة دستور دولة فى شهر واحد غير الترابى ..؟؟ ) .. ثم سينفرد هو بكرسى المعارضة الرئيسية حتى وان كانت من خارج البرلمان .. ومن قال يا أخى بأن هنالك سعى أراد أن يقوم به أخوان مصر الجديدة للصلح بين الترابى وعلى عثمان خلال الأيام الماضية فى مصر فقد صدق ولكن كان للترابى من وراء الزيارتين ومن هذه الجزئية تحديداً هدفاً آخراً هو وبالتحديد دفع مصر الجديدة لاقناع المعارضة السودانية وخاصة الزعيم الميرغنى الذى لم يجلس اليه بعد حكام مصر الجدد بتوجهاتهم الجديدة للانضمام لحكومة وطنية واحدة فى شراكة مع الوطنى .. هل هذه واضحة أم تمثل لك لغزاً .. ؟؟ .. أفلح صديقى فى هذه المرة فى مقاطعتى ولكن بغضب قائلاً لى ( .. بالله يا خالد لو سلمنا بكل ما قلته الآن فكيف بس تفسر اعتقالنا نحن الاسلاميين أنفسنا فى السجون لآوقات طويلة ضمن مسرحية كما تقول .. ؟؟ ) .. هنا ظن صاحبى أنه أوقع بى ولكنى وببساطه رددته لعقيدة الترابى السياسية التى لأ تسقط الهدف أبداً من أمامها مهما كان الثمن وقلت له سيقول لكم يوماً اذا ما قرر اسدال الستار عن مسرحيته وما أظنه سيفعل الا اذا ما تغيرت الخارطة السياسية الدولية برمتها .. سيقول لكم ملوحاً بكلتا زراعيه كما اعتاد : ( .. هذه هى حركة الحياة يا اخوانى .. حركة وسكوناً وهكذا قدر لكم الله أن تكونوا معى هنا فى المؤتمر الشعبى وتتحملون هذا العبء عن اخوانكم .. بارك الله فيكم وجعل ما ضحيتم من أجله فى ميزان حسناتكم .. ) .. هنا استشاط صاحبى غضباً وقام ليهاجمنى بينما أطلقت ساقى للريح ضاحكاً من انفعال صديقى وغضبته المضرية ..
.. وكل رمضان وأنتم بخير أيها الاسلاميون وطنيون وشعبيون ..

ليست هناك تعليقات: