خالد حسن لقمان
ellogman@yahoo.com : E-mail
- # جيليان جيبونز .. اساءة من قلب الخرطوم للنبى الأكرم .. !!
.. باعتبار أن العاصمة السودانية الخرطوم قد كانت فى أوقات سابقة خلال الثمانية عشر عاماً الماضية وربما لأزالت حتى الآن وعلى درجة من ( الاستحياء ) وربما ( التعقل ) أو (الانسجام مع الحالة الدولية) فى نظر آخرين سبّاقة للتنديد بكل ما يمس العقيدة الاسلامية ونبيها الهادى للرشد.. فقد بدا تصرف المعلمة البريطانية جيليان جيبونز( بتوزيعها لدمية حملت اسم خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ) لبعضهم تصرفاً مدهشاً وغريباً بل وصاعقاً فيما بدا لآخرين فعلاً غبياً ومستهتراً بشعب عرف عنه وعلى نحو يميزه بين الشعوب الاسلامية قاطبة بحب عظيم لنبيه الأكرم .. ولأ أحد الآن يدرى طبيعة التعبيرات التى ارتسمت على وجه هذه المرأة وهى تقوم بهذا التصرف الغريب .. هل ارتسمت عليها امارات البلاهة والغباء بما يعزز ما ساقته من مبررات فيما بعد باحترامها للعقيدة الاسلامية وللشعب السودانى ..؟؟ أم حمل وجهها حينذاك شىء من تعابير الخبث والدهاء .. صورة هذه السيدة على صحف الخرطوم حملت ابتسامة غريبة تحمل مزيجا مدهشاً من المعنيين .. البلاهة والخبث معاً وهما تعبيران يصعب أن يحملهما وجه واحد فى وقت واحد ..!! .. الخرطوم عاصمة المدافعة والمصادمة والحساسية المفرطة ضد الاساءة للعقيدة والرسول الكريم ..حسمت القضية بحبس المتهمة خمسة عشر يوماً وترحيلها الى بلادها وقد تم هذا على نحو سريع تباينت وجهات النظر فى تفسيرسرعته بينما عزاه بعضهم لخوف الحكومة السودانية من تصاعد نبرة الاحتجاج الشعبى بما يدخلها فى حرج بالغ يورطها فى نهاية المطاف فى قضية تعيدها ومن جديد الى مربعات الاتهام الدولى لها بالتعصب الدينى فأرادت نهاية سريعة تعاقب عبرها المعلمة البريطانية فى ذات الوقت الذى تغلق فيه الباب على الجماعات الدينية بالداخل حتى لأ تتطور ردود أفعالها على نحو يتهمها بالتهاون والتراجع أمام الضغوطات الغربية المتلاحقة عليها .. الحكومة البريطانية تحركت سياسياً و دبلوماسياً فى آن واحد .. أعلنت عن أسفها لما حدث لمواطنتها بالخرطوم ودفعت اثنين من نبلاءها المسلمين هما اللورد نظير أحمد العضو المسلم فى مجلس اللوردات البريطانى عن حزب العمال والبارونة سعيدة وارسى الوزيرة المسلمة فى حكومة الظل المعارضة ( حزب المحافظين ) لاجراء مباحثات مع المسئولين السودانيين بالخرطوم وهو السعى الذى اصطدم بمبررات أعلنت عبرها الحكومة السودانية احترامها وعدم تدخلها فى قررات القضاء السودانى ..
.. السؤال الآن يقول .. لماذا أقدمت هذه المعلمة على هذا التصرف الغريب هل هى مدفوعة من جهة ما تسعى لتوريط السودان فى حادثة كهذه فى هذا الوقت الحرج باعتباره بلد لأ زال يدير أموره على نظرية مفاهيم متشددة يقودها ويؤمن بها من لا زالوا يقودونه من اسلاميين ..؟؟ أم أن هذا التصرف قد جاء هكذا على اعتباره تصرفاً فردياً يمكن وصفه بالغبى والجاهل من مدرسة بسيطة الفهم تداخلت عليها المفاهيم واختلطت عليها الأمور ..؟؟ ولكن هل يمكن أن يصل هذا الجهل وهذه البساطة الى هذا الحد الذى يوقع معلمة ( يفترض فى كونها مؤهلة ومدربة على مستوى أهلها لترشح للعمل بدولة عربية اسلامية كالسودان ) فى ورطة كهذه ..؟؟ أمر كهذا يدعو للريبة أكثر من ما يدعو لتقديم المبررات على الاتهامات .. !!
وبالرغم من ضخامة هذا الحدث الذى نظر اليه البعض باعتباره بالونة اختبار لمعرفة المستوى التفاهمى الذى وصلت اليه الخرطوم مع مراكز القوى الدولية وهى تخوض معاركها السياسية والدبلوماسية الا أن الاتجاه بالحدث الى وجهة أخرى هنا يبدو أكثر فائدة اعتباراً لما أوفته القضية على وجهها السياسى اعلامياً .. فهذه القضية تفتح ومن جديد ملف التعليم الخاص بكل ما ما يحمله هذا الملف من جدل واسع حول سلبيات بعض الممارسات المخترقة فيه لما يمكن وصفه بالجدار الحامى للأصول التربوية والتعليمية .. هذه الحادثة تعيد من جديد التساؤل حول وضعية التعليم برمته .. كيف وصل وعلى هذه السرعة الى هذا الحد من تعليم تحوطه الدولة برعايتها واهتمامها ودعمها المطلق سواءً على مستوى الدعم المادى المباشر لمدارسها الحكومية المكتملة فى خدماتها الاجتماعية أو فى خدماتها الأكاديمية المطلقة فى وضع المناهج والموجهات ومتابعتها عبر المعاهد المتخصصة فى وضعها واجازتها .. الحكومة فقط من كانت تقرر ما يدرس لأى تلميذ وطالب جلس فى أى مقعد دراسى فى حضر البلاد وريفها ولا يوجد هنالك من يتدخل فى هذا مطلقاً .. السؤال الآن هل لا زالت هذه الوضعية كما كانت أم أن هنالك مدارس بعينها من المدارس الخاصة الوطنية والأجنبية أصبحت الآن تدرس وتعتمد ما شاءت من المناهج والمقررات الدراسية ..؟؟ وحتى و ان كانت للحكومة يد على بعض المدارس التى لها علاقة بمؤسسات لها صلتها على نحو ما بها فماذا عن عشرات وربما مئات المدارس الخاصة الأخرى صاحبة الوجه الأجنبى التى ربما كانت بعيدة عن تلك اليد الحكومية ؟؟ .. ماذا تدرس جيليان جيوبنز هذه فى مدرستها التى أقدمت فيها على هذا التصرف الأخير ..؟؟ هل هنالك ضبط تربوى مشترك تلتقى عنه الآن كل مدارسنا التى تمتد بطول البلاد وعرضها .. من الذى يتابع هذا الضبط .. ؟؟ هذه الوضعية تعيد التساؤل حول جدوى تعليم يهدم الأسس التربوية بما يوجده من فوارق مدهشة فى مستوى الرعاية والاهتمام بين المدارس الحكومية والخاصة .. هل يعلم أولو الأمر ما وصلت اليه المدارس الحكومية الآن من تردى مريع فى أحوالها .. المئات من مدارس الدولة الآن أضحت كالأوكار المهجورة .. طلابها على الأرض وأسقفها تكاد تسقط عليهم .. بيئتها فى أسوأ أوضاعها .. المعلمين يهجرونها ويهربون منها كما يهرب الناس من الجزام .. ضاعت هيبة المدرسة الحكومية وانهارت سمعتها حتى أصبحت الأسر الفقيرة تكابد فى ألا تلحق أبنائها باحدى هذه المدارس وفى صورة محزنة تتضحى بعض الأسر المتوسطة الحال بواحد أو اثنين من أبنائها ليدخلا مكرهين فى احدى مدارس الحكومة البائسة بينما يدفع بشقيقهما الثالث ولما قد يظهره من تفوق ونبوغ الى احدى المدارس الخاصة لتبدأ من ثم رحلتها المكابدة لتأمين مسيرته فيها .. فهنا لا خيار .. فلنضحى باثنين أو ثلاثة فى مقابل العبور بواحد الى بر الأمان .. كم هذه الصورة محزنة ومخيفة على مستقبل السلم الاجتماعى .. !! وهنالك بالطبع صور أكثر حزنا وأكثر ايلاماً .. هنالك من أصبح لا يستطيع الصمود حتى بأكثر من ابن واحد يدفع به الى مدارس الحكومة على بؤسها وفقرها .. ابن واحد فقط قد يكون من ضمن خمسة من البنين والبنات .. واحد فقط تعلق عليه الأسرة كل آمالها .. تقتطع له من قوتها ولقيماتها حتى يتقدم ليكون أملها اذا ما كتب الله له التوفيق بعد رحلته القاسية فى طريق التعليم والترقى في سلمه الطويل .. هذه الصورة تقابلها صورة مغايرة تماماً .. أبناء الأسر المقتدرة باتوا يدرسون الآن فى أرقى المدارس الخاصة حيث المناخ المهيأ والأستاذ المشهود له بالكفاءة والبيئة المعافاة .. فصول دراسية نظيفة ومكيفة وساحات نشاط متنوعة المناشط الرياضية والثقافية والترفيهية .. مدارس يدفع لها البعض أموال خرافية لأبناء لم يتجاوز بعضهم سن السابعة الى العاشرة ..!! .. نعم هنالك قادرين ومقتدرين وسع الله عليهم فى الرزق ومن حقهم أن يضمنوا لأبناءهم تعليماً جيداً .. ولكن أيضاً من حق بقية الناس من عامة الشعب أن يجدوا من يؤمن لأبناءهم فرصة مرضية للتعليم .. هذه هى مهمة الدولة ومن يقول بذلك فعليه أن يراجع كل ما وقف عليه فى كافة النظريات الاجتماعية والأخلاقية والعقائدية .. ما هى وظيفة الدولة فى المجتمع ان لم تضمن للمواطن الفرد حقوقه الطبيعية والأساسية فى العيش الكريم .. هل هنالك مخبول يرى بأن التعليم لا يقع ضمن هذه الأساسيات والحقوقً الاجتماعية للفرد ..؟؟ من يعتقد بهذا ..؟؟ .. قضية جيليان جيبونز تعيد فتح هذا الملف بقوة .. فمن يجروء على المساس بالمقدسات فى الحقل التعليمى لأيؤتمن على العملية التعليمية والتربوية وقد حان الوقت لأن تراجع الحكومة سياساتها تجاه التعليم الخاص لتعود ضامنة لمستقبل أبنائها بعيداً عن مؤامرات الأعداء وأطماع الرأسمالية الوطنية التى حول بعضها العملية التعليمية التربوية عندنا الى حقل للتجارة والاستثمار ..
وعليك الصلاة والسلام يا حبيب الله ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق