خالد حسن لقمان
ellogman@yahoo.com : E-mail
* الفضائيات العربية فى رمضان .. اللهم أصرف عنا السوء ..!!
.. ما هذا الذى يحدث على فضائياتنا العربية الآن ..؟؟ لماذا كل هذا العرىّ والغنج والفسوق السافر على شاشاتنا فى وضح نهار شهر رمضان الكريم وفى ليله الذى يعرض فيه الرحمن غفرانه ورحمته على عباده ..؟! لماذا أصبح مفهوم العرض التلفازى المرئى لدينا يختزل رسالته فى ضوضاء لأ تنتهى من الموسيقى الصاخبة المائجة على حركات مطربة أو راقصة بلهاء تتعرى وتتمايل أمام أكثر من مليار عربى ومسلم يتمددون من طنجة الى جاكرتا ومن المحيط الى الخليج ..؟؟ أين رجولتنا وأين هى قيمنا وموروثاتنا القيمية والعقدية .. لماذا أصبحنا هكذا بين ليلة وضحاها فى جاهلية كاملة تنتهك فيها حرمة السمع والبصر والفؤاد ..
.. ولكن هل وصلنا الى هذا الوضع بالفعل هكذا بين ليلة وضحاها أم أننا كنا نخطو نحوه بحر ارادتنا منذ أن فعل بنا كتاب النكسة برواياتهم وأفلامهم ما فعلوا فى ادراكنا وعقولنا وأجيالنا مستغلين زمان انكسارها وهزيمتها ليخاطبوا فيها مواطن الضعف والنزوة .. هل وقعنا فى فخ نصب لنا كما يفترض بذلك من لأ زالوا يتخندقون وراء نظرية المؤامرة أم أننا انكفأنا على وجوهنا منذ زمان طويل تحرك فيه العالم والعالمين من حولنا فرسموا لأنفسهم خطوط المستقبل بأهدافه ومراميه بينما وقفنا نحن ننظر اليهم ببلاهة البلهاء وحيرة الأغبياء وضعف الجبناء .. لماذا لم يؤسس الاعلام العربى لنفسه استراتيجية تعبر به نحو تطلعات الأمة العربية وآمالها وفق ما تؤمن به مفاهيماً وقيماً .. ألم نكن نملك فى أى وقت مضى من هذا التاريخ المخجل من يستطيع أن يرسم لنا مساراً منهجياً علمياً تؤسس عليه مؤسستنا الاعلامية العربية تجربتها ..؟؟ ألم يدر يوماً فى خلد حكامنا من ملوك وأمراء ورؤساء أن الشعوب الحديثة سيبنيها ويشكلها من يمتلك القدرة على مخاطبتها عبر وسائل الاعلام المتطورة بوسائلها وتقنياتها .. ؟؟ أين يكمن الخلل ..؟
وبديهى أن نقول بأن هنالك الكثير مما أسهم فيه الاعلام العربى عبرسنواته الأولى خاصة فى جانب اشاعة الوعى والعلم والمعرفة ودفع المشروعات الوطنية العربية بأهدافها الاستقلالية ومكوناتها البنائية بما ساعد فى تشكيل مجتمعات مستنيرة استقبلت مع غيرها مرحلة بشرية عصرية جديدة .. هذه حقيقة ولكن بالمقابل لماذا غاب التخطيط المنهجى العلمى فى مجال الاعلام العربى والذى يأخذ بهذه المجتمعات الجديدة لتؤسس تجربتها الحديثة .. لماذا اتجه اعلامنا وخاصة فضائياتنا الجديدة اتجاهاً آخراً تحكمه امبراطورية الفيديو كليب الخليع والمسابقات التافهة والبرامج الضعيفة التى لأ تحمل مضاميناً يرجى منها خير أو رسالة ينتظر منها تغييراً أو مساهمة فى بعث مشروع من مشروعاتنا العربية التى لقت حتفها منذ زمان بعيد .. أين يكمن الخلل .. لا زال السؤال يصرخ .. نعم هنالك أسباباً بعينها يمكن الاشارة اليها هنا لتحديد هذا الخلل الذى جعلنا نعايش اليوم واقعاً مريعاً لفضائياتنا العربية التى أحالت عقولنا الى خلايا استقبال جيدة لهوام الأفكار وخبل المتنطعين وفسوق الفاسقين بفحشهم وسوء سلوكهم المدمر لكيان الأسرة العربية والمجتمع العربى الذى بات يعانى اليوم أبناؤه من سطحية المعرفة وغياب روح الانتماء لأمة هى بالتأكيد غير كل الأمم بعلمها وموروثها وثقافاتها وعقيدتها .. أجيالنا اليوم تفسخت وجهلت تاريخها وتاريخ أمتها .. صار فيها شبابها كشاباتها وقد انتفخت البطون وترادفت الأرداف على بعضها .. ضاعت ملامح الرجولة و انزوت قسمات الرجال وكيف لأ والمعرفة الآن براقصاتنا وفاجراتنا وفاجرات غيرنا تملأ دماغ شبابنا حتى لأ تترك لنا مساحة فيه ندفع فيها بشىء من أشواق الماضى وحزن الحاضر وقلق المستقبل .. أين يكمن الخلل ..؟؟ نعم فلنحاول أن نجيب الآن على هذا السؤال من خلال تتبع تاريخ نشأة هذه الفضائيات فمع تمدد رقعة البث الفضائى العالمى المتسع التقطت العقلية العربية الفكرة بفضول سرعان ما تحول لفعل نظر اليه الكثيرون باعتباره فعلاً خبيثاً من قبل من قاموا به .. حيث يظن هؤلاء ( ولهم فيما يبدو الحق فى توصيف الحالة على هذا النحو ) بأن من بادر باطلاق هذه الفضائيات هم من سكنوا ديوان السلطة العربية وتخندقوا فيه رافضين التفكير ولو عرضاً فى الخروج منه لصالح آخرين يحلون مكانهم .. وبفعل تنامى المعرفة والاتساع العلمى المتلازم مع زيادة نسبة المتعلمين والجامعيين وحملة الشهادات العليا فى مختلف التخصصات .. بدأت المجتمعات تصحو من جديد على واقع ينبئها بأنها قد استبدلت مستعمريها الأجانب بحاكمين من أبناء جنسهم يرفضون أن يتركوا مقاعدهم لتجربة جديدة وواقع جديد .. من يلهى هذه الشعوب ومن يلجم شبابها ويكتم صيحات شيوخها .. المطلوب اذاً الالهاء والمزيد منه ولأ شىء أمضى فى جسد الأمة الفتى أكثر من تسطيح العقول وفتنة النفوس ونداء الشهوات .. فليرقصوا ما شاؤوا وليتصايحوا ما شاؤوا وراء الهوس الكروى والغنائى .. هذا هو المطلوب وهذه هى النتيجة .. شباب يحفظ عن ظهر قلب كلمات العابثات من الغانيات بايماءاتهن وهمزاتهن ولمزاتهن وغمزاتهن لأ يستحضر سطراً واحداً حتى من تاريخ هزيمتنا القريب .. احدى الفضائيات العربية أجرت مؤخراً استطلاعاً وسط الشباب العربى بمناسبة مرور أربعين عاماً على هزيمة حرب حزيران 1967م .. كانت النتيجة فضيحة مجلجلة .. جهل صريح وغيبوبة كاملة .. !! ولكن كيف ستكون هذه النتيجة لو تم استطلاع نفس هذه العينات الشابة حول آخر الالبومات الفنية لاحدى نجمات الغناء العربى ..؟؟ نعم ستكون النتيجة مبهرة بنجاحها ونبوغ هؤلاء الشباب ..!!! .. من المسؤول عن هذا الحال .. من أوقع بنا فى هذا الفخ .. السؤال يجيب على نفسه .. فكيف يعقل أن يتبارى أثرياء العرب فى تأسيس وانشاء فضائيات للغناء والرقص من أمثال ( مش حتقدر تغمض عينيك ) دون مباركة من من بيده مقاليد الأمور السلطوية فى وطننا العربى الكبير ..؟؟ أكثر الفضائيات العربية ذات الامكانيات الضخمة والانتشار الواسع والانتاج الغزير أصحابها ومن يقفون وراءها مقربون ومرتبطون بعلاقات مريبة مع حكومات بلدانهم .. هذه حقيقة واقعة والمدهش أن أكثر ما تنشط فى انتاجه هذه الفضائيات يذهب جله فى انتاج الأغانى المصورة والفيديو كليب الخليع .. بل أن عدد الفضائيات المتخصصة فقط فى هذه اللونية فاق أضعاف القنوات الأخرى على نحو مدهش وغريب .. هنالك من يريد لهذا الخط أن يسيطر على كل مساحاتنا الفضائية .. هل هذه هى سياسات الربح والخسارة وسوق الميديا أم أنها سياسات الاستهداف الموجهة لاختراق آخر ما تبقى فى عقل الأمة من ممسكات أخلاقية ورفض ارتبط بتاريخنا تجاه التفسخ والفجور .. ..؟؟ من يجيبنا هنا .. بالطبع لأ أحد لأن لأ أحد يريد أن يفكر فيما يجرى حوله .. الى أين نتجه مع كل هذا الصراخ وكل هذه الجلبة العارية الساقطة .. لأ أحد يدرى .. والمثير فى الأمر أنه وفى خلال السنوات الأخيرة بدأت الفضائيات العربية فى الاستجابة لمطلوبات ما تسمى ( الأسرة الدولية ) من خلال الاهتمام بتخفيف الدين وتجريد الثقافة العربية والاسلامية من مكوناتها الحقيقية وربطها بتفاهات لا قيمة لها .. ومنذ العام الفائت اختفت وخلال شهر رمضان الأعمال الفنية الجيدة ذات الارتباط المباشر بالتاريخ العربى والاسلامى لتستبدل بأخرى ضعيفة أو أخذت مساحاتها لتستبدل بالمزيد من البرامج التائهة بأفكارها والخاوية بمضامينها كما حاولت بعض تلك الفضائيات ارضاء تلك الأسرة ( الدولية ) من خلال معالجات فطيرة وغير عادلة لحركة التدين وسط الشباب العربى فأعطت صوراً شائهة وغير متوازنة لمعانى التطرف والتفريط .. وهو الأمر الذى انسحب حتى على مفردات هذه الفضائيات التى اجتهدت أخيراً فى تبديل مفرداتها الواصفة لمعطيات الحالة السياسية الاقليمية والدولية بما لأ يتناقض مع ما يمكن أن يكون مستساغاً ومقبولاً للأذن التى تريد أن تسمع فقط ما يرضيها ويقنعها بتغير أحوالنا الى المزيد من التفاهم والتطبيع والاقتراب من عالم اليوم ..!!
.. نعم هذا هو حالنا وحال اعلامنا وفضائياتنا العربية نعلمه ونعرفه ونعايشه ولكن فقط كنا نطمع وفى هذا الشهر الكريم أن يستحى من بيدهم أمر هذه الفضائيات ليغطوا عوراتنا فقط لشهر واحد تطلب الأمة فى ثلثه الأول رحمة ربها وتسأله فى ثلثه الثانى مغفرته وفى الثالث عتقها من النار .. ولكن ماذا نقول ..
.. اللهم أصرف عنا السوء والفحشاء ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق