خالد حسن لقمان
ellogman@yahoo.com : E-mail
* الانتخابات وشريكا نيفاشا ..حلفاء اليوم .. حلفاء الغد ..!!
.. مع تناقص مساحات المد الزمنى للانتخابات المقبلة تزداد حدة التكهنات حول تحالفات المرحلة المقبلة على مستويات متباينة يبدو بعضاً منها لبعضهم فى دائرة المقبول والقياس الملتزم بموضوعية التحليل والتبرير والاستخلاص بينما يبدو بعضها الآخر لآخرين فى دائرة اللامعقول الى حد الشطط والهلوسة السياسية .. وبالرغم من هذا التباين الكبير الا أن هاتين الدائرتين تلتقيان على تماس واحد تؤكد نقطة الالتقاء فيه حتمية دخول البلاد فى مرحلة سياسية جديدة تخوض عبرها القوى السياسية السودانية بتشكيلاتها التقليدية القديمة وتكويناتها التنظيمية الحديثة انتخابات حقيقية يجد معها الجميع أنفسهم فى معترك سياسى حاسم لمسيرتهم السياسية بين نجاح مرتجى يتشكل عليه عهد سياسى جديد وبين هزيمة مخيفة تلقى بأصحابها فى مزبلة التاريخ السياسى السودانى الحديث ..
.. وبالنظر للساحة السياسية الآن ينتهى المتأمل الى ارتفاع درجة الحرارة فى الجسد السياسى السودانى على مستويات هى الأخرى متباينة تبايناً واضحاً فى درجاتها فبينما تنخفض هذه الدرجات لدى التكوينات الضعيفة والمتواضعة بتجربتها وتاريخها .. نجدها ترتفع لحد ما وعلى نحو يبدو حذراً ومرتبكاً فى المربع التقليدى للقوى السياسية التاريخية ممثلة فى أحزاب الأمة والاتحادى الديمقراطى والحزب الشيوعى العائد هو الآخر الى الساحة السياسية .. هذا فيما ترتفع الدرجات أكثر وأكثر على حدود الشريكين الحاكمين ممثلين فى المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وأيضاً على مستويين يبدو فيهما الشريك الأكبر أكثر حرارة وانفعالاً بل واستعداداً بينما تسبب مكونات الحذر والغموض وربما القلق فى الوضعية التحفزية للحركة الشعبية بما يبرر للبعض شكوكهم فى القدرات التنظيمية لهذا الكيان الذى لا زال يعيش مرحلة مخاض قاسية يكابد فيها للتحول القسرى من كيان ثورى فى خطه وشكله ومكوناته المفاهيمية الى كيان سياسى بطرحه الفكرى وتكويناته الهيكلية المشكلة لحزب سياسى ناضج يمكنه نضوجه كما تمكنه تجربته من خوض انتخابات حقيقية .. وانطلاقاً من هذه القراءة التى تبدو موضوعية للساحة السياسية السودانية المترقبة للانتخابات المقبلة يحق للجميع الدفع بتكهناتهم المتباينة للوضعية التحالفية خلال هذه الفعالية السياسية المصيرية المؤسسة لمرحلة سياسية جديدة ينتظرها السودان الناهض الآن بثرواته وثورته التحولية النفطية والتصنعية .. ومن بين هذه التكهنات الساعية لاختراق حجب الغيب فيما وراء الأفق تبدو الصورة التى يجتمع فيها شريكا نيفاشا الحاكمين الآن لخوض الانتخابات من معسكر واحد يجمعهما ضد الآخرين أكثر اثارة وتشويقاً من بقية صور التكهنات الأخرى الا أنه ولغرابة الأمر تبدو هذه الصورة أكثر موضوعية من غيرها لجملة من الأسباب أهمها على الاطلاق ما يلى :-
(-) أولاً تبرز المشتركات المصيرية التى شكلتها اتفاقية نيفاشا كمصير واحد لهذين الكيانين بما يعنى تأثر كلاً منهما بالآخر الى حد الانهيار والسقوط الكامل لأى منهما اذا ما غاب الآخر عن الساحة السياسية .. تتلحف هذه الصورة على بساطتها بما قد يبدو ساذجاً لمن يسمعه الا أن الواقع يؤكده ويجعل منه أساساً حقيقياً بل ومفتاحاً أوحداً لمن أراد أن يقرأ المستقبل .. لماذا يعرض كلا الطرفين وجودهما للخطر ..؟؟ انهيار أحد الشريكين يعنى انهيار نيفاشا وانهيار نيفاشا يعنى انهيار كل ما تم بناؤه أخيراً .. اذاً لابد من السير معاً والاستمرار معاً حتى الوصول للنهايات التى يضعها كل طرف لعلاقته بالآخر عقب السنوات الفاصلة للاستفتاء حول تقرير المصير المتفق عليه بعد ست سنوات من توقيع الاتفاقية .. هذه حقيقة لأ يمكن تجاهلها أبداً ..
(-) .. عند الحديث عن تحالفات للمرحلة المقبلة ينصرف اهتمام هذين الكيانين لبعضهما البعض أكثر من التفاتهما الى أى كيان آخر وذلك من وجهة تقدير القوة والفعالية وأيّاً ما كان تصور البعض لما سيؤول اليه الوضع السياسى القادم بفعل ارتفاع حرارة التنافس مع اقتراب الانتخابات وعودة الروح للكيانات التقليدية القديمة .. الا أن الواقع يقول بأن المؤتمر الوطنى بدافعيته السياسية وقوته التنظيمية وامكانياته المادية يشكل كياناً قوياً منفرداً على الساحة السياسية وهذه حقيقة تستوعبها الحركة الشعبية استيعاباً جيداً فيما يبدو الأمر شبيهاً بهذه الوضعية لدى المؤتمر الوطنى الذى يدرك هو الآخر الثقل السياسى الخاص الذى تمثله الحركة الشعبية وهذا التقدير المتبادل لمقدار القوة والفعالية يبسط بين الجانبين أرضية مشتركة تحتكم للأمر الواقع وللعبة السياسية بمناخاتها التنافسية دوراً كبيراً فى الدفع بمن فى ملعب التنافس للسعى للنجاح والابتعاد عن الهزيمة حتى ولو جاء ذلك بالتحالف مع أكثر الأعداء شراسة وقوة فالتحالف مع القوى الناجح فى عرف أهل السياسة أفضل كثيراً من البقاء فى القاع مع صديق ساقط بضعفه وهزيمته ويجد هذا المنطق قوته أكثر من غيره فى ظل مرحلة سياسية هامة يتوقع أن يتشكل عليها مستقبلاً الوجه السياسى الجديد لسودان النفط والثروة ..
(-) اقتراب الطرفين من بعضهما البعض خلال المرحلة الماضية رسم ولو قسرياً لوحة تناغم لم تكن متوقعة البتة قياساً لحجم ما ظل يمثل عداءً بين طرفين واجه كل منهما الآخر فى ميدان الحرب والاقتتال وبالرغم من كل ما ظل يطفح على سطح علاقات الطرفين الا أن التجربة التى خاضاها فى حكومة مشتركة فاق فى درجة تناغمه ما حققه شركاء آخرون من أحزاب الشمال شاركوا فى تكوين حكومات ائتلافية سابقة وهذا الأمر فى حد ذاته يمثل مفارقة غريبة لأ تحدث الا فى ميدان العمل السياسى بتقلباته ومفاجآته فان كان الحكم بالنجاح فى فترة الاستمرار فقد نجح المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية فى المضى بحكومتهما بأكثر من ما فعلته حكومات شمالية – شمالية .. هذا التقارب يتيح وعلى الأقل امكانية الاستمرار لمرحلة جديدة حتى الوصول الى مرحلة أخرى يرضاها كل طرف لنفسه وفق قناعاته ورؤيته الاستراتيجية لمستقبل السودان كبلد موحد بقبول جميع أبنائه أو منشطر بتراضى سياسييه وقادته .. هذه الوضعية التقاربية تجعل المؤتمر الوطنى فى حالة توافق مع شريك استقراره السياسى بمثل ما تجعل الحركة الشعبية مقبلة عليه بأكثر من اقبالها على آخرين انهارت جسور التواصل معهم خلال السنوات الأخيرة فيما لم تشيد مع غيرهم جسور الثقة والتعاطى السياسى الناضج .. هنا واقع الطرفين يصرخ أن لأ مجال لتحالفات جديدة تفض الشراكة الحالية ليدخل معها الطرفان فى مغامرات غير محسوبة الا كما يحسب أحد المتوهمين الطير فى السماء أو يحصى مجنون مخبول ذرات الرمال على الأرض ..
(-) .. أخيراً يتداخل مسبب خارجى ليزيد من تواثق شريكى نيفاشا ويجعلهما أقرب الى بعضهما من الآخرين فبالرغم من العلاقة المتميزة مع الغرب والولايات المتحدة الا أن الحركة الشعبية تجد نفسها الآن متجهة للتعامل مع واقع داخلى يقول بأنه من الحكمة بمكان الاقرار بعدم الاتجاه ولو حالياً على الأقل الى محاولة بناء تحالفات اقتصادية خارجية وبالتحديد مع المنطقة الغربية ودائرة الولايات المتحدة تحديداً فى ظل سيطرة صينية شبه مطلقة بل ومندفعة بارادة سياسية صينية قوية للمحافظة على ما حققته استثمارياً فى أكبر بلدان افريقيا وباعتبار أن النفط يدخل كمعامل محورى لهذه الوضعية فانه ومن الأفضل ايجاد صيغة مرضية ولو مرحلياً مع بكين التى بدأت ولأول مرة تكشر عن أنيابها فى وجه واشنطن الساعية بكل جهدها الآن لتهيئة المناخ لضرب حلفاء بكين فى المنطقة وهى الصورة التى تجلت أخيراً فى التصريحات الصينية العنيفة والمفاجئة والتى أعلنت من خلالها رفضها القاطع لأية أفكار أمريكية لتوجيه ضربة عسكرية لطهران .. هذا المسبب الخارجى والذى يعطى تفسيراً منطقياً لأهداف الزيارة الأخيرة لسلفاكير ميارديت النائب الأول للرئيس البشير ورئيس حكومة الجنوب لبكين .. يصب هو الآخر المزيد من القواعد الصلبة لبناء تحالف سياسى انتخابى بات شبه مؤكد بين شريكى نيفاشا المنفردين لا زالا بحكم البلاد فى شمالها وجنوبها ..
.. وأيّاً ما كانت نظرة البعض لهذه التكهنات بين رفض قاطع وتعارض صريح .. فان المساحة الزمنية الفاصلة عن الواقع المرتقب تتناقص الآن بأسرع مما تتيح فرصاً لبناء سيناريوهات جديدة تطيح بمسببات بنت هذه التكهنات موضوعياتها عليها ..
.. وان غداً لناظره قريب ..
هناك تعليق واحد:
أخي الكاتب المخضرم خالد لقمان
السلام عليكم ورحمة الله وكل عام وأنتم وامتنا العربية بخير ،، قرأت موضوعك الأخير عدة مرات أتأمل عباراته المتفائلة المتشائمة إن صح تعبيري ولي فيه عدة قراءات أهمهاالسبات العميق للإعلام السوداني وبالأخص الإعلام الرسمي للدولة ويتلخص ذلك في عدم المتابعة الدقيقة للأحداث خصوصا كتابات الذين نطلق عليهم أعداء العرب فمن الواجب أن نتابع بدقة متناهية كتاباتهم وتصريحاتهم لنستشعر من خلالها مراميهم ماتعنية حقا كلماتهم التي يستخلص منها حكامهم قراراتهم بنهاية المطاف ،، ولك أن تتأمل أخي هذه الكتابات التي دونها الكاتب الصحفي جوزيف وينتر حين قال : في الوقت الذي ستقرر فيه نتائج الاستفتاء المزمع إجراؤه عام 2011 إذا كان جنوب السودان سينفصل عن بقية البلاد أم لا، يعتقد البعض بأن الانتخابات العامة المبكرة في البلاد قد تكون الفاصل في الأمر في الواقع.
فجل سكان جنوب السودان من المسيحيين والروحانيين، مما يجعل هذا الجزء من البلاد وكأنه بلد مختلف تماما بالمقارنة مع الأغلبية المسلمة التي تتحدث العربية في الشمال.
وفيما يخضع الشمال إلى حكم الشريعة الإسلامية، وتنعدم الحركة في شوارع الخرطوم ابتداء من الثامنة ليلا، تنتشر الخمور والنوادي الليلية بسهولة في جوبا التي تعتبر بلدة ريفية نائمة لكنها تشهد توسعا معماريا كبيرا استعدادا للاحتمال أن تصبح عاصمة دولية في غضون أربعة أعوام.
وقد صرح مسؤول بارز في الحركة قائلا إذا فزنا في الانتخابات، وأصبح جنوبي رئيسا للبلاد، فلن يكون هناك داع للانفصال لكن المتحدث باسم حركة تحرير الجنوب، سامسون كواجي، واثق من أن الانتخابات ستجرى في موعدها، وقال إن حزبه يستفيد من فترة السلام هذه لبناء المرافق الضرورية استعداد لذلك
أخي لقمان
لقد أصبح القلم هو سيد كل المواقف ونحن العرب نتعامل دوما مع الأشياء ببساطة شديدة تودي بنا في النهاية إلى عواقب لا تحمد عقباها ،، فالنصحو جميعا ممسكين بكتاب الله فوق أيدينا ونمضي بحذر من رصاصات أقلام أولئك الأوغاد ...
تحياتي
د. رؤوف أبوزيد - ليون - فرنسا
إرسال تعليق