الثلاثاء، 18 أبريل 2023

نحن وإسرائيل .. هكذا نفهم ما يحدث لنا ..!

 د. خالد حسن لقمان 


يكتب : 


نحن و إسرائيل .. هكذا نفهم ما يحدث لنا .. !!

——————————-

 

لدي قناعة كاملة ورغم انف من يتمترس بغباء وجهل أمام ما أسموه بنظرية التآمر .. بأن اسرائيل هي مفتاح لفهم كل ما يدور في الفلك العربي و ما يتاخم هذا الفلك من فضاء سواءً علي مستوي الارتباط الجغرافي او الاقتصادي او السياسي ومنطلقي الذي اشير فيه هنا ببساطة سيكون عبر النظر  لما لدي هذا الكيان  من مصالح استراتيجية مضي  في تحقيقها بنجاح كبير حتي الآن و هو النجاح الذي أجلي الخارطة الاقليمية للمنطقة العربية علي ما هي عليه الآن .. ماذا حققت اسرائيل فقط خلال العقدين الماضيين ..؟؟!! .. اليكم ما حققته : انتهت من الجيش العراقي الذي كان يهددها بأكبر قائد عربي داعم للقضية الفلسطينية .. ادخلت الجيش السوري ( بإعتباره جيش المجابهة الثاني أمامها بعد الجيش المصري )  في صراعات داخلية افقدته دوره واتزانه واقصته عن المسارات الحية   المناهضة لها .. انتهت من ليبيا القوة المالية و زعيمها الثوري المزعج و زجت أخيراً بالسعودية و ايران كأكبر البلدان الاسلامية في حرب مذهبية كرهت ان تتدخل الصين  الآن لاخمادها بنجاح حتي تبادل السفراء والأسري .. !! .. من بقي لها اذاً لتدمره ليكتب لها البقاء بسلام من غير جيوش عربية تهددها .. ؟؟!! .. بقيت فقط  مصر و جيشها الذي يصنف كأكبر واقوي جيوش المنطقة لاستفادته من مساعدات كامب ديفيد التي لازالت مستمرة رغم انف ترمب وبايدن ( والا فروسيا موجودة .. روسيا التي تبني الآن لمصر مفاعلها النووي في الضبعة .. عندما طلب ترمب الملف المصري وقرأه قذف به الي الأرض وقال لمساعديه : لماذا ندفع لهم و لماذا نساعدهم ..؟؟ .. اوقفوا هذه المساعدات لمصر ..  ( هذا الجاهل يقصد مساعدات اتفاقية كامب ديفيد التي توقفت عبرها الحرب العربية المصرية و بمقتضاها اصبحت مصر رقيبة علي قطاع غزة الذي نما وازدهر نتيجة لهذه الرقابة مع تضافر المساعدات العربية التي اقامت له بنيته الاساسية في مقابل وقف الهجمات الثورية الفلسطينية التي ازعجتها بحيث يمضي أمر السلام بدخول الفلسطينيين انفسهم فيه و هو ما حدث بالفعل في اوسلو  )  افضل هذا التصرف من جانب ترمب  الرئيس  السيسي الذي سافر بعده وفي اقل من اسبوع لروسيا لتجن اسرائيل و لوبياتها الضاغطة علي الادارة الامريكية فكانت النتيجة ان ابتلع ترمب افكاره و نواياه تجاه مصر واعاد الامور اما كانت عليه الا ان ذلك اسفر عن اول شرخ في التحالف التاريخي العربي - الامريكي منذ انتهاء الحرب وهو ما شجع الملك سلمان لينتهج نفس منهج السيسي عندما واجهه الغبي بايدن بقضية خاشوقجي .. فعلها بايدن ببرود باعتبار الرجل الذي امامه مثله مثل ملوك الدولة العربية الاكثر غنيً بالبترول وهو في هذا يبر بوعده لمنتخبيه الامريكان عندما وعدهم بسياسة جديدة تجاه السعودية لا تتجاهل فيها قضايا العدالة التي جسموها في قضية خاشوقجي .. ولكن الامير الشاب غضب من الاستفزاز المهين وما ان وصل ترمب لمكتبه في البيت الابيض حتي وضع امامه تقرير عاجل عن اتفاق دول الاوبك بلس بقيادة السعودية علي تخفيض الانتاج ورفض المجموعة الانصياع للرغبة الامريكية خاصة .. هنا تضحك روسيا عبر لافروف من الكابوي الامريكي وهو يفقد أكبر دولة حليفة له في المنطقة بل و تهديها الدب الروسي والتنين الصيني بكل اريحية وكرم  .. من هنا بدأت مسيرة التحالفات العربية الجديدة فمضي بن سلمان و عزز موقفه ذاك خوفه من تكرار حادثة الملك فيصل فيتم القضاء عليه لان الخيار الآخر للامريكان الغاضبين عليه كان احداث بلبلة داخل الاسرة المالكة تطيح به او الخيار الثالث وهو احداث ثورة شعبية وبالطبع فهذا الخيار الأخير ليس له حظ كما ان سيطرة بن سلمان وحسمه للوضع في الاسرة منذ وقت مبكر  جعل الخيار الاوسط هو الآخر غير موضوعي علي الاطلاق .. اذاً فهو الخيار الأول المخيف والذي بمقتضاه تبدل  مزاج الملك وبالتالي المناخ الملكي بمن فيه حول البيت المالك و تبدلت شركات الحماية لتظهر القامات القصيرة بوجوهها الصفراء و القامات الطويلة بأجسامها الممتلئة ووجوهها البيضاء كما وحليب ارض تهامة .. الآن اصبح الوجود الروسي - الصيني واقعاً في أرض العرب  .. ) .. علي ظلال هذه التحولات التحالفية الضخمة و المثيرة في المنطقة تستبق اسرائيل ما يحدث لتنفذ هدفها الأخير و الأهم وهو اضعاف مصر من حدودها الجنوبية عبر دولة فاشلة تجرها لصراعات تنهكها وتنهك جيشها القوي حتي يضعف رويداً رويداً فتنقض عليه سواءً بيدها أو عبر الآخرين الذين تبني معهم الآن التحالفات في المنطقة و تعزز خصوماتهم مع مصر ايضاً رويداً رويداً .. ومع مصر وضعفها تختنق المملكة السعودية عبر سيطرة  اسرائيلية علي البحر الاحمر الذي يعتبر للسعودية ومصر ممر امني من الدرجة الاولي وهو سعي بدأ بالفعل عبر  عملاءها حتي من العرب الذي يلبسون العقالات وان كانت بلون آخر غير الاسود علي الملفحة البيضاء  .. ولكن الزمن يمضي خانقاً هذا الكيان العنيد  ولابد من تسريع الخطوات  .. و من أين يتم اضعاف مصر .. ؟؟ .. لا سبيل لذلك سوي عبر السودان  بإحالته لدولة فاشلة ينتهي بها المطاف لاضعاف جارتها الشمالية عبر توريطها في حروب ميليشيات طاحنة و ليبيا حاضرة في الذهن المصري وهي تجربة كادت ان تحقق لاسرائيل هدفها لولا التعامل المصري الحاسم و القوي .. الآن اثيوبيا علي الخط و سد النهضة سيظل هو مشروع الصراع الحتمي في المنطقة ولابد من دولة قوية في الجنوب لتمثل العمق اللوجستي المثالي لمصر  .. السودان الآن لمصر أهم لقادتها من اي وقت قدروا فيه هذا .. ومثل هذا الشعور لم ينموء قط الي هذا المستوي حتي خلال مشاريع الوحدة الاولي حين كان  البلدان لا زالا يتنسمان عبير الاستقلال و لا حتي خلال سنوات التكامل القوي بين الصديقين النميري و السادات .. الآن السودان ليس حلم للمخيلة المصرية .. بل واقع حي امامها تتعامل معه بالسنتيميتر و القطرة التي تنزل من أمبولة السائل   الحيوي .. انها قضية وجودية من الدرجة الأولي .. هذه هي الحقيقة التي تجاهلتها مكرهة اسرائيل و هي تسابق الزمن قبل ان تنجلي صورة العالم الجديد وتتغير خارطة التحالفات الدولية   بتقاطعاتها مع تحالفات المنطقة الاقليمية العربية عطفاً علي تحالفات العالم الجديد الذي تمثله الصين وروسيا والهند والبرازيل و عدد من الاقطاب الواعدة بإمكانياتها وأدوارها  ومنها دول عربية كبيرة وافريقية ناهضة بوعي جديد  هؤلاء  تدرك اسرائيل انهم ما ضون معاً في رحلة تدمير الامبراطورية الامريكية الدولارية في تحالف قوي مع كبار هذا المحور الذين لم يبقي لهم شئ سوي تحديد ساعة الانقضاض خاصة مع ضعف حليف  فريستهم الاوروبي التائه الآن من غير ارادة ولا رؤية تحافظ علي وحدته مع ضعفه المريع  في بنيته الاقتصادية وتصدعها المتوالي الآن .. واسرائيل مستيقظة لهذا بل و متحسبة له تماماً وهي تفكر الآن بتسارع و تسائل نفسها :

أين  سيكون موقعها بين المتوارين من دسك الكبار و القادمون الي صالون  العالم الجديد الذين سيدخلون بحلفائهم العرب المناهضين لمشروعها الاستراتيجي .. هذه هي المحنة الاسرائيلية التي تفسر اهتزاز صورة الدولة العبرية خلال الفترة الاخيرة التي شهدها العالم لأول مرة للدرجة التي ازعجت الامريكان الحلفاء فتدخلوا لانقاذها ..


.. اذاً نحن أيها السادة لسنا في هامش المخيلة الاسرائلية بل في لبها و عقر وعيها .. و من هنا نفهم الدور الاسرائيلي في السودان و نقرأه بموضوعية و ذهن منفتح وليس متمترس حول الكفر المباح بنظرية المؤامرة علي الوجود الاسلامي - العربي مقابل التمكين للوجود الصهيوني الطامح بقوة لا تلين وارادة  لا تفتر ..

ليست هناك تعليقات: