الثلاثاء، 21 يونيو 2022

 ربع مقال


د. خالد حسن لقمان

الاساءة للرسول الكريم ..
 بين غضب الاحتجاجات و منهج د.  عبدالله علي ابراهيم ..!!

.. تعجبني كتابات الدكتور المستنير عبدالله علىضضؤضضي ابراهيم بإنطلاقاتها الفكرية غير النمطية وتعبيراتها بالأدبية الراقية ببساطتها و المحكمة بمفرداتها ولا غرو فالرجل شديد الإهتمام بمفرداته و حرفه و حتي فاصلته لذلك تجد نفسك وأنت تقرأ له أنك قد حافظت علي وتيرة واحدة من الاهتمام و الإثارة و الإكتشاف المتتالي لفكرة تقودها أخري ورأي يتبعه آخر .. 
    .. و أخبراً قرأت للرجل الذي سعدت يوماً ما بمحاورته في برنامج تلفزيوني فكري - ثقافي علي تلفزيون السودان وأذكر أنه كان حواراً عميقاً  في محاوره ورشيقاً في تناوله وعرضه  فالرجل يساعدك علي هذه الروح بخفته المتناهية في تناول ما يريد قوله فلا تستثقله كمحاور ولا يمله من يشاهده من المتابعين .. دكتور عبدالله علي إبراهيم كتب هذه المرة عن ما أسماه   ( روتين الإحتجاجات الجماهيرية الإسلامية علي الإساءات لنبينا الكريم محمد صلي  الله عليه و سلم التي جاءت هذه المرة وكما يلاحظ الدكتور عبدالله من الشرق بعيداً عن الغرب وقد استفاض علي  نحو جيد شارحاً التكوين الاثني و الفكري والثقافي للمجتمع الهندي ليقف القارئ معه علي وضعية الاقلية الاسلامية هناك ( بنسبة ‎%‎15 من عدد سكان الهند ) و سطوة الهندوس الحاكمين  والمسيطرين تعرض المسلمين لصنوف من التمييز و العنصرية فهؤلاء الهندوس يرون في اقلية المسلمين بؤرة الخيانة و الخروج عن الملة العقدية و الثقافية وأنهم لصوص اقتطعوا باكستان و بنقلاديش و يريدون التمدد علي أرض الوطن الهندوسي في الهند لذا يأتي كل هذا الحقد الاثني والديني وهو ما يغاير أسباب الغرب عندما يخرج منهم بجهله من يتعرض  بسفه وجهل  لنبينا الكريم صلوات الله عيه وسلامه فهنا وكما  يقول الدكتور عبدالله علي ابراهيم تأتي ( المحاججة ) و ( المناطحة )  بقضية الحرياتي فالتي يدعون انها تلزمهم احترام الرأي الآخر حتي وان تعلق الأمر بسب نبي الأمة الاسلامية و البشرية جمعا محمد صلي الله عليه وسلم .. وهنا يدفع دكتور عبدالله علي ابراهيم بفكرته في ضرورة انتهاج نهج أكثر تأثيراً من هذا الفعل ( الروتيني ) الذي تعبر عنه الاحتجاجات الجماهيرية  و في هذا ينادي بضرورة فضح زيف هذا الادعاء الغربي بواقع الحرية المطلقة لديه و كما يقول فإن الامثال هنا والاحداث كثيرة للتدليل علي ذلك اذا ما اجتهد كتاب المسلمين علي الوقوف عليها و عرضها علي المجتمع الغربي نفسه لبري نفسه في المرآة .. كما ويضيف دكتور عبدالله أهمية فضح ممارسات من يقوم بهذا السباب الملعون للنبي الكريم صلي الله عليه وسلم من اهل الشرق كما جاء الآن من الهند فلهؤلاء تجاوزاتهم التي لا تخفي في جانب التمييز ضد الاقليات التي تعيش بينهم عبر التضييق عليهم و عدم احترام عقائدهم بل وطرد حتي من يتاجر ويأكل لحم البقر في مجتمعهم لمعارضة ذلك للديانة الهندوسية التي تقدس الأبقار ..!! ..  التماس هذا المنهج و العمل به في اعتقادي هام للغاية و لابد من التركيز عليه ليس فحسب و كما قال الدكتور عبد الله علي ابراهيم للرد علي الغرب في أمر الحريات و فضح مناهضة و ظلم اقليات الشرق الاسلامية .. ولكن لاعتماده منهجاً أساسياً و غالباً في التعامل مع العقلية الغربية و غيرها من المجتمعات والملل التي تناصب الاسلام العداء .. فمع التطور التكنولوجي والتقني و الالكتروني الذي نقل وسائل الاتصال و الاعلام والمعرفة نقلات جبارة ومذهلة يعبر عنها الآن واقع التعامل مع الشبكة الدولية للمعلومات بمواقعها ووسائطها و تطبيقاتها و هو الواقع الذي مكن احدهم في مجاهل افريقيا من التواصل الفوري مع آخر في ارقي احياء العاصمة البريطانية لندن او الفرنسية باريس مثل ما مكن للمؤتمرات واللقاءات  وكافة الفعاليات البشرية الجماهيرية للانتقال لكل مكان حيث لا جغرافيا تمنع ولا ديموغرافيا تنتقي لتمنع اسود او تقصي ملون عن التمتع بإمتيازات هذا التبادل و التواصل المعلوماتي و الاعلامي  علي نحو أوسع .. مع كل هذا التطور كان ينتظر ان تنهض العقول العربية و الاسلامية لتمارس دوراً جديداً يتناسب مع هذه التطورات الاتصالية المهولة وذلك عبر حركة الترجمة و التأليف و التعليم الهادفة لايجاد موقف جديد للحضارة الاسلامية  العربية يحركها علي الأقل من موقفها الجامد والمتأخر لتبدأ من جديد في التفاعل مع الحركة البشرية العالمية في معاقل حضاراتها و تقدمها المدني الذي وضعها مسيطرة علي بوصلة الحياة البشرية فارضة علي الجميع كل ما تؤمن به و تقره علي حساب كافة الثقافات و الديانات والاثنيات الأخري مع محو كل فصول تاريخها القديم المجيد .. ولكن شئ من هذا لم يحدث بل علي النقيض من ذلك فقد زادت هذه التطورات الاتصالية - المعلوماتية من هيمنة ثقافات و أديان و مزاجيات العالم الأول بكل عنصريته المتخفية و ديكتاتوريته المتزينة بغلالة الحريات التي لا تكاد تخفي عورته الاصطفائية الانتقائية الظالمة .. !! .. لماذا يحدث هذا .. يجيبك المنطق بأن من أحدثوا هذه التطورات احتفظوا بأفضليتهم التقنية الخادمة والمحركة و الناقلة للمعرفة والمعلومات  عبر هذه الوسائل والوسائط لتعمل بقوتها في ذات الاتجاه من الشمال الي الجنوب و بالتالي أفشلوا بذكائهم محاولة اسقاط نظرية تدفق المعلومات هذه التي يدرسها طلاب الاعلام بإسم نظرية تدفق المعلومات من دول الشمال الي دول الجنوب وبالتالي ظلت الحضارة الاسلامية - العربية بكل ما فيها من علوم و عقيدة وآداب و فكر  قابعة في الارفف و مخازن الكتب والاوراق بينما انطلق العالم ليضحي كل فرد فيه راسلاً و متلقياً في ذات الوقت لكل ما يربطه قسراً بالقالب الحضاري و العقدي و الاثني الغربي الذي تفرضه و تصرف عليه و تعمل من أجله تلك الأيادي الخفية التي لازالت تعادي الدين الاسلامي حقدا و جهلاً مثلما كانت تعاديه وهو لا زال علي المهد يلوذ بدار الأرقم و يهاجر سراً الي يثرب .. هنا تتبين أهمية ما ذهب اليه الدكتور عبدالله علي إبراهيم فيما يتصل بنهج المواجهة و المدافعة هذا ولكن علي افق أوسع ومدي أطول و تخطيط سليم و تنفيذ  دقيق و ذكي يهدف الي عرض أساس الحضارة الاسلامية ومرتكزاتها  بدينها و تاريخها وثقافتها ومجتمعها وفردها ليعرض كل ذلك أمام المجتمع الغربي ليدرك مقدار الظلم الذي أوقعه علي حضارة الاسلام ودينها القويم متوهماً بخيالاته التي نسجها و صدقها انه رأس الحربة في كافة المتغيرات البشرية  اينما اتجهت ..  
 .. تحياتي دكتور عبد الله ..  

                

ليست هناك تعليقات: