السبت، 19 مارس 2022

الخرطوم وجوبا .. حبيبي أكتب لي وأنا أكتب ليك .. !!

ربع مقال


د. خالد حسن لقمان

الخرطوم و جوبا  .. 
أنا أكتب ليك وإنت أكتب لي .. !!

.. وهاهو البرهان رئيس المجلس السيادي و القائد العام لجيش دولة السودان يدعو أطراف العملية السلمية في دولة جنوب السودان الي اكمال ما جاء في اتفاقية جوبا و الخروج بدولتهم الي بر الأمان .. وقبل فترة قصيرة قام الطرف الجنوبي بذات الدور داعياً اطراف التنازع في حكومة الخرطوم الي السعي لايجاد صيغة تسوية تعبر بالسودان الي بر الأمان .. هكذا اذاً ..  ( أنا أكتب ليك وإنت أكتب لي .. ياحبيب عيني .. ) وللأجيال الجديدة فهذه كلمات الاغنية الرائعة التي تغني بها ايقونة الغناء السوداني الفنان إبراهيم الكاشف والغريب ان هذه الأغنية بالذات جاءت هكذا لخارطة الغناء السوداني من غير شاعر معروف و من غير ملحن معروف وتغني بها الكاشف و دغدغ بها أفئدة العاشقين خلال فترة الزهو الابداعي السوداني في الستينات والسبعينات من القرن الماضي   
وتقول كلماتها :

 حبيبى اكتب لى .. وانا اكتب ليك

بالحاصل بى .. والحاصل بيك
الحاصل بى ..انا شوق وحنين
واقيم الليل .. آهات وانين
فارقنى حبيب .. آلفنى سنين

ماليك امان .. يا دا الزمان
يا ليالى زمان .. الله عليك
نستعرض .. اسراب الظبى
نسمع لهمسات ..الصَبا
ونحنا فى .. فجر الِصبا
ابسم اليك ..تبسم معاى
تسمع .. غناى ..
مع صوت الناى ..وانا يا مناى

الطول حياتى .. بغنى ليك ..
أنا أكتب ليك .. وأنت أكتب لي
يا حبيب روحي .. يا نور عيني
يا وحيد عمري.. مادمت حي
أكتب لي .. عن كل شئ
أذكر ودادي .. وارحم فؤادي
ارع الوفاء .. ودع الجفا
واذكر صفاء .. أيامي ليك

.. رحم الله الكاشف الذي عاشت علي ابداعه اجيال من الفنانين الشباب ونقلوا بابداع ما شدا به بأصواتهم الشابة الشجية و ان بقي في كل هذه المحاولات لمسة الكاشف مفقودة و عذوبته غائبة وروحه غير حاضرة وأذكر في هذا أنني كنت اقف مع بعض الاخوة في احدي المكتبات الصغيرة في منطقة البركس بجامعة الخرطوم و صادف ان صاحب المكتبة كان معجباً جداً بالكاشف و لديه جهاز تسجيل يعلو منه صوت فناننا الكبير فقلت له مداعباً .. يا سلاااام يا سلااام ده الغنا و لا بلاش فإلتفت الي سعيداً قائلاً : ( .. مش كدة بالله .. تعرف يا استاذ  الجيل ده ما فاهم اي حاجة في الغنا ) وقبل ان ارد عليه مضي يكمل : ( تعرف امبارح وقف في مكانك ده ولد من الاولاد ديل و سمع الشريط ده وقال لي بالله يا عم : ده منو الفنان البقلد الفنان الفلاني - و ذكر له فنان شاب مشهور درج علي تقليد الكاشف - .. فقال لي : ( و الله يا أستاذ  الدم غلي في رأسي و قربت اشيل المسجل ده اطق بيهو راسو الفاضي ده ) .. نعم هذا هو الكاشف الذي سيظل حاضراً في الوجدان السوداني كما سيظل هو المفتاح الذي فتح الباب الذي عبرت  خلاله التجربة الغنائية السودانية برمتها عبوراً كنا نرجو ان يكون مماثلاً لعبورنا ببلادنا الي بر لأمان و قد سبقتنا الآن دول عربية و افريقية لم تكن موجودة أصلاً في بال أحد عندما كنا نحن  دولة ناهضة مبشرة بتطور و تقدم كبيرين .. هذا ما كنا نأمل فيه ولكن مشهد ( أكتب لي و اكتب ليك ) الذي يحدث الآن بين السودان وجنوب السودان .. يكفي ليغمرنا كل اليأس و يغرقنا كل الإحباط في انتظار معجزة تعيدنا الي زمان الكاشف ( الأصل ) و السودان الباذخ ( الأصيل )  ..  

 


ليست هناك تعليقات: