ربع مقال
د. خالد حسن لقمان
المنظومة الخالفة .. هل يفعلها الترابي من القبر .. !!
.. عندما رمي الشيخ الراحل الدكتور الترابي بمصطلحه الجديد للساحة السياسيةوالذي أسماه ( المنظومة الخالفة المتجددة) اتجه كثيرون الي اعتبار ذلك من بنات افكارومصطلحات الترابي التي اعتادوا سماعها عنه والتي كان منها مصطلح التواليالسياسي الذي استشهد مع مفاصلة الاسلاميين الشهيرة في العام 1998م .. و لكن الرجلابدي اهتماماً كبيراً بفكرته هذه لدرجة تفرغه الكامل للتنظير حولها ومحاولة افساحطريق لها وسط تراكمات الحالة السياسية السودانية بكياناتها التنظيمية المختلفة وتكويناتها القبلية المتشعبة الرابطة والمحددة لكل حركة المجتمع السوداني بتاريخهوحاضره بل ومستقبله المنظور في غياب مؤشرات واقعية بتغيير سريع يغير من هذهالخارطة المعقدة ولكن بعناده الذي عرف به في تنفيذ أفكاره حتي وان أخذت من سعةالزمن ما أخذت ظل هذا الشيخ الي آخر أيامه يبشر بهذه المنظومة الخالفة المتجددة الاانه ولشئ في نفسه لم يخرج كامل الفكرة علي نحو جلي لمن حوله وان وضع هيكلها وجوهر ما تعنيه امامهم وربما كان هذا بسبب رغبته في ضمان نجاحها دون ترصد منالآخرين لها وكذا رغبته في مشاركة الآخرين في بناءها حتي يحوز قبولهم ويضمنتبنيهم لها لذا فلم توغل ورقة المؤتمر الشعبي التي قدمها في مؤتمر الحوار الوطنيبإسم المنظومة الخالفة المتجددة ما يفصل لفكرتها علي الدقة الحاسمة بما أوجد استشكالاً علي من حاولوا من بعد الترويج لها وان كانت الفكرة في الإشارة اليها تبدوبسيطة في شكلها الا انها عميقة في تداخلاتها الموضوعية اذ تتحدث عن وحدة لتياروطني عريض تجمعه المواطنة ولا يفرقه الدين ينهض بأبناء الوطن الواحد جميعهم لبناءوطنهم في كافة اوجه حياته السياسية والاقتصادية والثقافية بل وحتي الرياضية والفنية والترفيهية و بالرغم من بساطة هذا التكوين التعريفي للفكرة الا انها اختلطتللبعض خاصة عند من مثلوا دائرة الشيخ الترابي الخاصة من أنصاره فعرفوا هذا الكيانالوطني الذي تنادي به المنظومة الخالفة المتجددة لشيخهم بأنه يضم كل الكياناتالاسلامية التي تشمل المتصوفة و أنصار السنة و اهل الاسلام السياسي وغيرهم منالتيارات الاسلامية بالساحة و لكن الترابي نفسه يقول بعدم إقصاء الفكرة لأحد لخلفيتهالعقدية و لكنه وان غض الطرف عن ما قال بذلك فربما رأي بأنه وحال انتظام التيارالاسلامي العريض في هذه المنظومة فإنه وبطبيعة الحال سينشأ وبالمقابل تيار آخريعرض فكرة اليسار لتكون واجهته الصريحة في مقابل ذلك التيار الاسلامي العريضوهنا يكون المسرح السياسي السوداني قد تشكل علي نمط وتجربة الديمقراطياتالحديثة في كبريات دولها كامريكا وبريطانيا وفرنسا بوجود حزبين كبيرين يتبادلانالسلطة أحدهما يميني التوجه والآخر يساري النزعة وأعتقد ان الراحل الترابي كان هذاهو ما رمي اليه وهو الوجه الذي يوشك الآن ان يتحقق اذا ما استمر اليسار السودانيفي الاصطفاف جبهة واحدة ضد التيار الاسلامي هذا بالطبع في حالة نجاح الاسلاميين( أياً ما كان موقعهم الآن ) في صنع تيار إسلامي عريض يشمل الاتحاديين و حزب الأمةو التيارات السلفية والصوفية وكذا تيارات الاسلام السياسي وذلك في مواجهة ذلك التياراليساري العريض من الشيوعيين وغيرهم ليتضح للجميع حينها بأن المنظومة الخالفةالمتجددة التي نادي بها الترابي ليست كيان واحد بل كيانان يمثلان جناحان في جسمواحد هو هذا البلد السودان .. اذا حدث هذا فستكون المنظومة الخالفة المتجددة للترابيقد تحققت وعندها سيكتب التاريخ بأن رجلاً من قبره يدعي الترابي قد صنع بفكرهالمتقدم وحنكته السياسية الذكية آلية الممارسة السياسية الحديثة في السودان عبرتبادل سلمي يشارك فيه جميع مواطنيه بأفكارهم و رؤاهم الفكرية والسياسية المتعددة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق