الأربعاء، 11 مارس 2015




# واشنطن والخرطوم  .. ورقة موسكو ومباركة الترابي ..!!


نعم انها ورقة موسكو التي لوحت بها الخرطوم ووضعتها كرتاً رابحاً علي المنضدة .. وفي واشنطن ( وبالرغم من نظرة الترابي التي تري دوماً غباءً أصيلاً في رؤيتها وفهمها لواقع السودان ) عقول تفكر ويمكنها وحتي ولو في اللحظات الأخيرة أن تصرخ في أرجاء البيت الأبيض وفنائه بوجود خطر يهدد مصالحها العليا .. وهؤلاء قد صرخوا أخيراً حتي وصل صراخهم الغرفة الرئاسية حيث يغط أوباما في سبات عميق .. فليصح الجميع ولينتبهوا .. موسكو علي خط الاستواء وكلتا قدماها الآن علي المياه الدافئة  وقد تمددت من أقصي منابع النيل الي مصبه علي البحر الابيض .. هذه هي الحقيقة .. وهذا هو السبب المباشر لإسراع واشنطن لمحاولة الامساك بقميص السودان حتي وان قدته من قبل .. فهي الآن الراغبة وليست هنا الخرطوم بالممتنعة أو المتمنعة  بل طائعة راغبة وليتم الأمر داخل حجرات البيت الأبيض نفسه  .. والحقيقة المباشرة هنا أن ( أغبياء الترابي ) داخل الادارة الامريكية ظلوا علي موقف واحد تجاه السودان لأكثر من عشرين عاماً .. موقف واحد لم يتغير ولم يتبدل وهو أمر غريب كفعل سياسي - دبلوماسي من دولة كبري وأي دولة ..؟؟ انها امريكا الدولة الأولي في العالم والقوة التي لا تقابلها اخري كواقع تشكل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي بنهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي ..!! والغريب ان السودان والبون شاسع بينه وأمريكا قد أدي اداءً سياسياً مقبولاً ( بمقياس الأداء السياسي - الدبلوماسي ) تجاه علاقته بواشنطن خلال هذه السنوات فأقصي الترابي ( أو أقصي الأخير نفسه - في رواية أخري لابن لقمان ) عن سدة الحكم وتخلص من متعلقات الحكم الثوري الرافض تماماً لسياسات واشنطن علي نحو علني حتي علي مكبرات الصوت الهادر ( امريكا روسيا قد دَنا عذابها ) .. بل ومضت  الخرطوم في خطوات جادة من اجل تطبيع علاقاتها مع واشنطن حتي اتهمت القواعد الاسلامية الحزبية حكومتها و قادتها ببيع الفكرة والمقصد والدين من اجل علاقة طيبة مع امريكا .. ولكن وبالرغم من ذلك ظلت واشنطن علي موقفها المتحجر تجاه من يمسكون بالحكم في الخرطوم وظلت الاخيرة في حصار كامل يجدد عام تلو العام بنمطية غريبة تماماً كإجراء تجديد رخصة القيادة ..!! .. الآن تصحو واشنطن وقد تمركزت علي جنوب السودان قوات عسكرية صينية لأول مرة في تاريخ بكين وتصحو واشنطن وقد وقعت الخرطوم علي اتفاقيات استراتيجية في كل المجالات وخاصة العسكرية  مع روسيا والصين وتصحو واشنطن لتري العدوي وقد انتقلت من الخرطوم الي القاهرة التي وقعت هذا الأسبوع فقط علي عدة اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع موسكو .. !! .. من الذي دفع القاهرة لتفعل ذلك .. ؟؟ .. ولماذا لا تفعل وقد هبت من جديد وبقوة  رياح الحرب الباردة بين الشرق والغرب سواءً بسبب أوكرانيا كسبب مباشر او بعقيدة وطموح بوتين .. وفرنسا تدخل علي الخط وقد وصلها صدي صراخ البيت الابيض فتوافق علي صفقة الطائرات الحربية  الاخيرة لمصر بعد ان ابدت رفضاً ضمنياً لها وشرعت في ارجائها لوقت آخر ..!! .. ومن يمكنه ان يدفع بباريس لهذا التعديل المفاجئ غير واشنطن التي باتت تخشي تحول أنظمة التسليح في المنطقة لتعود لزمان الكلاشنكوف الروسي علي أنظمة حديثة واجيال متطورة .. وقد ابتهجت موسكو أخيراً  بعودة الازدهار لسوق أسلحتها ذلك بالرغم من الضرب تحت الحزام الذي مارسته واشنطن وحليفاتها الغربيات ضدها باضعاف عملتها عن طريق خفض السعر العالمي للنفط ومنع اوبك من التدخل كعادتها للمحافظة علي المعادلة التاريخية بين العرض والطلب للمحافظة علي السعر وهو ما أدي لانخفاض الروبل الروسي لادني درجات انخفاضه وقد تبع ذلك اعلان مؤسسات الائتمان العالمية  الكبري عن تخفيض السقف الائتماني لروسيا  في خطوة اخري لتركيع الدب الروسي .. 
   
      كل هذا القلق تعيشه واشنطن الآن تجاه نفوذها المتضعضع في المنطقة في مقابل تمدد روسي متسارع ومن وحي هذا القلق يدخل كلاً من كرتي وغندور الكونغرس والبيت الأبيض الامريكيين ..!!  .. وبالعودة الي ( رواية ابن لقمان ) فان الترابي الآن في خواتيم فصل مسرحيته الأخير وهاهو يعلن ( خلال مخاطبته مؤتمر حزب الأمة الفيدرالي المنعقد أخيراً )  رغبته في رؤيته لسودان موحد واسلاميين موحدين ( بفتح الحاء وبكسرها ) وما كان مقدراً لهذا الشيخ ان يسدل الستار  لهذه المسرحية الطويلة الا بعد تغيير ما علي الوضع  الداخلي و علي المستوي الدولي بحيث لا تصبح الولايات المتحدة اللاعب الأوحد في الساحة فتقرر ما تشاء وتفعل ما تريده تجاه دول المنطقة والسودان وهاهو الوضع يتحقق فتقف واشنطن عاجزة عن تمرير ارادتها في سوريا وهاهو السودان ينعم بدعم موسكو وبكين في قرارات ومشروعات القرارات في الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي .. توفر الغطاء الدولي إذاً بعودة الحرب الباردة وعلي السودان ان يستفيد منها فيعطي الترابي الإشارة بالتحرك ويبدأ بلقاء الاتحاد الاوروبي ويبارك خطوات كرتي وغندور علي دهاليز الكونغرس والبيت الابيض ..   وهاهو الوضع الداخلي يلتئم  ( بتفاؤل الترابي ورؤيته) وليس من المستبعد أبداً مع تاريخ الرجل وجرأته ومفاجآته ان يعلن وعقب الانتخابات المقبلة عن توحيد الإسلاميين في كيان جديد تخرج اليه وعليه ومنه الحركة الاسلامية  الي قدر جديد ( هكذا بتعبيرات الرجل ومفرداته )     .. ليشكل ذلك حافزاً لاندماجات حزبية كبيرة بين القوي المختلفة للوصول الي خارطة سياسية تتشكل من حزبين أو ثلاث وهي صورة  نادي بها الترابي مراراً بهدف تطوير العمل السياسي بالبلاد ..  

ليست هناك تعليقات: