خالد حسن لقمان
E-mail:ellogman@yahoo.com
قطاع غزة .. الجبناء والخونة يمتنعون
.. لا أدرى هل تعمد مخرج ومحرر نشرة الأخبار بقناة الجزيرة تكرار ذلك المشهد المؤلم الذى خلفته احدى غارات العدو الاسرائيلى على جباليا بقطاع غزة يوم السبت الماضى .. أم أن التكرار حتمته طبيعة المشاهد المتوفرة عن الغارة الجبانة على شعب جباليا الأعزل وبالطبع فان التفسير الأخير هو الأقرب للمنطق والصواب فالمشاهد المعروضة آنية وطازجة استطاعت القناة أن تحوزها حصريّاً من موقع الحدث .. تكرر المشهد خلال تناول الخبر بتفاعلاته أكثر من أثنتي عشرة مرة على التوالى وفى كل مرة من هذه المرات تقطرت من عيون الناس الدموع وخرجت من النساء الآهات وصرخات الجزع والألم بينما جحظت فيها عيون الصبية والأطفال بالدهشة البالغة لما يرونه أمامهم .. لا أحد استطاع من هؤلاء منع عينيه من ذرف الدموع وهو يرى هذه المشاهد التى هى وبلا شك الأكثر ايلاماً منذ الفعل اليهودى الشنيع فى قانا .. .. والمشاهد المروعة عديدة ومتلاحقة ومبكية .. أم ثكلى على طفلتها الفطيم ترتجف من هول ما عليها .. التقطت الكاميرا فى البدء عينيها اللتين بدتا وكما عينى المجنون فى أعظم نوبات جنونه جاحظتين لا يحرك شئ منهما الجفون وفى لحظة أخرى مفاجئة يرتجف الجسد كله ويعلو من الحنجرة الصراخ بينما اليدان تلوحان للاشىء سوى الأسى والألم .. لم تحظ هذه الأم حتى بحق تقبيل فلذة كبدها قبلة الوداع .. هى صرخت بهذا أمام الكاميرا .. أريد تقبيلها فقط .. دعونى أقبلها أرجوكم .. ولا مجيب لطلبها أخذت السواعد الطفلة بسرعة البرق لدفنها بين عشرات القتلى الآخرين .. لا وقت هنا لقبلات الوداع سيدتى السماء تنبىء بغارة جديدة وعلى الجميع أن يسرعوا لنقل الشهداء ليفسحوا الساحة لشهداء جدد .. هذا هو منطق اللحظة والحالة التى لم تعيها لحظتها تلك الأم الثكلى .. أم أخرى احتبس صوتها بحشرجة كما وحشرجات الموت .. ولدى ولدى .. الصوت واهن والجسد واهن والدموع تنهمر من المقلتين كما يتدفق رافدا النيل من تانا وفكتوريا .. لن يستطيع أحد ومهما أوتى من جلد وصبر وايمان أن يحبس دموعه وهو يرى تعبيرات هذه الأم .. ولدى .. ولدى .. صراخ يظل بروعه وحزنه وألمه ساكناً فى أذن من سمعه ما خرجت منه الأنفاس زفيراً وشهيقا .. أخرى وبين دموعها وجزعها تصرخ وكأنها تهزى من فرط ما وقع عليها .. فقدتهم جميعاً .. كل الأسرة راحت .. كل الأسرة راحت .. ولدين وبنت وزوجى وأخى وأختى وزوجها وبنتها و .. وهنا زاد صراخ ألمها .. أمى .. أمى .. هكذا كررتها مرتين وفى الثالثة ضاع منها الصوت أو احتبس .. ربما تكون قد أغمى عليها أو لحقت من فرط ألمها بأمها وأحبابها لا أحد يدرى .. المشاهد كانت مروعة ولكن أكثر ما انفرط له القلب ربما من دقة تصوير الواقعة بتداخل مشاهدها وكأنها رسمت على مسرح اجتمع على اخراج قصته عظماء أهل السينما أو المسرح .. كان هو مشهد تلك الأسرة بأبنائها وبناتها الأطفال ومن حولهم عدد من النسوة الثكالى يرتمين على ثلاث جثث محترقة .. النساء تماسكن بأيديهن وقد شكلن حلقة التقت على وسطها رؤوسهن الحاسرة وأمامهن الجثامين الثلاثة .. وأربع طفلات باكيات صارخات من حولهن تحاول صغراهن منع شقيقها الأصغر من الاقتراب من حلقة الجثث الرهيبة .. الطفل يصرخ ويعدو تجاه الحلقة والأخت على صغر عمرها الذى لا يزيد عن الست سنوات تتشبث بيديه لتمنعه عن الوصول اليها .. من أين أتت هذه الصغيرة بهذا العقل الكبير وهذه الحكمة المدهشة .. لا تريد أن يشاهد شقيقها الصغير جثة والده وشقيقيه وهى محترقة لا تريده أن يحمل هذا المشهد فى رأسه بقية عمره .. تخاف عليه هول الفاجعة .. هكذا قال المشهد بوضوح تام .. يا لها من طفلة .. كيف يفسر الناس هذا .. ؟؟ هل هى ثقافة الاستشهاد فى أرض الجبارين .. هؤلاء هم أطفال الأرض المحتلة هكذا يتعاملون مع الموت يصرخون ويجزعون ولكنهم لا يفقدون عقولهم ولا يغادرون أرض دينهم وعقيدتهم وأهلهم .. يتحلقون حول الموت ولا يهابونه .. يبكون أهليهم الشهداء ويعاهدونهم بالمضى أبداً فى طريقهم .. الاسرائيليون يجهلون ما يفعلون بهؤلاء الأطفال والصبية .. انهم يعدونهم ليوم يشبون فيه مقاتلين أقوياء يجوسون خلال الديار ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة .. والمراقب للحال اليهودى يعجب من أمر الله .. هذه الملة المقتلة لرسل الله ظلت وكما هى ما يزيد عن الألفى عام بذات الوزن السكانى النسبى .. وكأن الله عز وجل يريدهم هكذا على مشهد مرئى من دنيا البشر .. يمددهم من أموال الآخرين .. أموال العرب والمسلمين التى ينهبونها الآن من العراق وأموال النفط العربى الذى يأخذونه عنوة وفق ما يحددونه من أسعار كيف ما استطاعوا بسطوتهم على القرار العربى والأنظمة العربية والله يوفى لهم بوعده فيمدهم أيضاً وعبر هجرات يهود الشتات ببنين الآخرين ليحافظوا على وزنتهم السكانية مع تناقص نسبة مواليدهم والوعد الربانى يمضى ليجعلهم الله أكثر نفيرا ليسيطروا على كافة وسائط الاعلام الحديث ليكون نفيرهم الذى يحاربون به بأكثر مما يحاربون بأيديهم وسلاحهم .. هذه مشيئة الله التى ستحقق يوماً وعده الربانى بنصر آت لا محالة .. والناظر لحال أبناء الأراضى المحتلة تصيبه الدهشة من هذا الصمود الذى يبدو بلا نهاية .. شعب أعزل يحارب بيديه أقوى جيوش المنطقة وأكثرها فتكاً وعدوانية ولا يتراجع قيد أنملة يعايش كل يوم وساعة ولحظة الموت الذى يأتيه من فوقه ومن تحته وعن أيمانه وشمائله ولا يتزحزح .. الجميع الآن يخجلون من هذا الشعب بشبابه ونسائه وشيوخه وحتى أطفاله .. هم فقط على أرض المعركة يقاومون حتى لا يسقط خيار المقاومة وحتى لا تطأ اسرائيل رأس الأمة فتمرغه فى وحل الهزيمة .. الأغبياء والجبناء والخونة هم فقط من يجب أن يمتنعوا الآن عن دخول الساحة التى ترفع اليوم شعار ( الخونة والجبناء يمتنعون ) نعم لأنها لا تتشرف بهم مطلقاً وكيف تتشرف بزعماء خنّث وشواذ وخونة ارتضوا بأن يكونوا فى مزبلة التاريخ وقد ثبط الله همتهم ورجولتهم حتى يكون شهيداً عليهم يوم القيامة والتاريخ لا يكذب فها هو يسجل هذا العار بأحدث وسائل التوثيق الحديثة .. أطفال غزة ونساؤها وشيوخها يقتلون ويهود باراك اللعين يقول لا توقف .. نريد أن نغير الواقع الذى بنته حماس .. واقع المقاومة والصمود يريد هذا المأفون أن يصبح الجميع من أشباه الرجال الذين دنس رقابهم بنعليه النجستين فأحنوا له الجباه وطأطأوا له الرؤوس فصمتوا اليوم على ما يرون بحجة أن حماس المقاومة قد أوجدت هذا الوضع بغزة .. ماذا كانوا يريدون .. يريدون أن تلحق حماس بركب الخونة والجبناء فى قطار السلام الكاذب الذى لن يقود الا لمحطة الخزى والعار والهزيمة الكاملة ليمدد اليهود أقدامهم من المحيط الى الخليج كما كتبوا على بوابة الكنيست .. هل يريدون أن توقف حماس صواريخ المقاومة .. لماذا ألم يقولوا بأنها مجرد ألعاب نارية لأ طائل من ورائها اذاً وكما قال بالأمس ( أبوالوليد خالد مشعل ) لماذا الانزعاج من هذه الألعاب النارية ان لم تكن ذات تأثير على العدو .. لماذا تصرخ تل أبيب كلما وصلت صواريخ المقاومة الى اسديروت وأخيراً عسقلان ..؟؟ ولماذا يطالب عباس هذا الرجل الطامة على الواقع الفلسطينى بوقف هذه الصواريخ ..؟؟ فى مقابل ماذا ..؟؟ هل ستوقف اسرائيل غاراتها على غزة والضفة التى ظلت هى الأخرى تستقبل القذائف الاسرائيلية صباحاً ومساء فى الوقت الذى تصافح فيه يدا عباس أولمرت فى واشنطن ..؟؟ هذا وهم كبير اسرائيل لن توقف عدوانها أبداً وصواريخ حماس لا تأثير لها البتة فى ما انتوته حكومة يهود أولمرت لتغطية هزيمتها وضعفها ومواجهة الانتقادات العنيفة التى حاصرها بها اليمين المتشدد بعد حرب لبنان الأخيرة أمام حزب الله .. ليست صواريخ حماس يا عباس بل صواريخ اسرائيل التى اخترقت منكم العقول فضاعت منكم الحكمة وغابت عنكم الرؤية حتى أصبحتم ترون فى العدو صديقاً وفى الشقيق عدواً .. يا سبحان الله ما كان لأحد أن يتصور أن يأتى فيه يوم ينشق فيه الصف الفلسطينى هكذا على هذا النحو المفجع الذى يتجه فيه البعض لطلب العون من الولايات المتحدة وربيبته اسرائيل لمحاصرة أشقاء فلسطينيين رفقاء معركة واحدة ودرب واحد ليتم عزلهم وتقتيلهم بمثل ما يحدث اليوم فى غزة .. سيسجل لك التاريخ يا عباس هذا العار الكبير ولن تجدى كلماتك المتأخرات الناعسات الفاترات الكاذبات بوقف حفل مفاوضاتك وأحضانك وضحكاتك مع العدو أى شىء يمحو عن الأمة مشاهد الجثث المحترقة والأمهات الثكالى والأطفال الصرعى والفتيات الملتاعات المهرولات وراء جثث أزواجهن وأشقائهن بمثل ما سيسجله التاريخ من عار فى كتاب القادة العرب الصامتين الجبناء وهم يرون أبناء الأمة الفلسطينية يقتلون ويذبحون ويحرقون بقذائف العدو ونيرانه .... نعم هذا زمان يجب فيه أن ينزوى الجبناء والخونة ويمتنعوا عن معركة الشرفاء والشهداء والصديقين ورجال الأرض الفلسطينية الصامدين .. لكم التحية أيها العظماء .. يا جبابرة النصر القادم ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق